المصدر / وكالات - هيا
اعتبرت تقديرات إسرائيلية أن فشل المحادثات حول اتفاق نووي بين إيران والدول العظمى، التي تُستأنف في فيينا اليوم، الإثنين، قد يقود إلى فترة من انعدام الاستقرار الإقليمي مقابل إيران، فيما ادعى مصدر سياسي إسرائيلي أن إيران على بُعد عدة أسابيع من إنتاج كمية يورانيوم مخصب من أجل صنع قنبلة نووية واحدة.
ونقلت صحيفة "هآرتس"، اليوم، عن مسؤولين إسرائيليين مطلعين على الاتصالات بين الدول العظمى وإيران، ادعاءهم أن إيران تسعى إلى احتكاك عسكري دائم بقوة منخفضة مقابل إسرائيل ودول الخليج، في محاولة لممارسة ضغوط على المجتمع الدولي، وتحقيق إنجازات تمكنهم من الحفاظ على البرنامج النووي وتخفيف العقوبات.
وتابع المسؤولون أنفسهم أنه في حال فشل المفاوضات حول اتفاق نووي، فإن إيران قد تصعّد المواجهة في المنطقة. وبحسبهم، فإن إيران ليست معنية بالعودة إلى الاتفاق، وإنما بالمماطلة في المحادثات، بحيث يسمح ذلك لها بدفع برنامجها النووي قدما دون مراقبة.
ووفقا للتوقعات في إسرائيل، فإن إيران ستقدم مطالب بالحد الأقصى، بينما سيطالبهم الأميركيون بالعودة إلى انصياع كامل لاتفاق العام 2015. وحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن "الدراما السياسية بين إيران والولايات المتحدة ستبدأ في نهاية جولة الحالية فقط".
وأضافت الصحيفة أنه في إسرائيل يتوقعون أحد أربعة سيناريوهات:
بحسب السيناريو الأول، ستعترف الولايات المتحدة بأنه لن يكون بالإمكان إعادة إيران إلى الاتفاق النووي الأصلين من العام 2015، وستعمل على اتفاق مرحلي، يشمل تفاهمات حول مواضيع لا يوجد خلافات حولها، وبذلك يتم تقييد تقدم البرنامج النووي الإيراني. وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة استعرضت أمام إسرائيل، مؤخرا، مجموعة اقتراحات بهذه الروح، وبينها مطالبة إيران بالتوقف عن تخصيب اليورانيوم ووقف الأبحاث والتطوير للصناعات النووية.
وتابعت الصحيفة أن الأميركيين يعتقدون أن اتفاق مرحلي سيوقف التقدم التكنولوجي للبرنامج النووي، ويبقي بأيدي الدول العظمى رافعات قوية نسبيا من أجل فرض مفاوضات أفضل على إيران لاحقا. لكن إسرائيل رفضت الخطط التي قُدمت لها حتى الآن، "لكن مسؤولين إسرائيليين أوضحوا أنهم لا يرفضون تأييد خطوة كهذه، إذا ثبت أنها ستؤدي إلى تأخير تقدم البرنامج النووي لسنوات. والمشكلة الأساسية هي عدم ثقة إسرائيل بقدرات التفاوض الأميركية مقابل إيران"، حسب الصحيفة.
ويعتبر السيناريو الثاني أن فشل المحادثات سيقود إلى أزمة، وتصعيد المواجهة بين إيران والمجتمع الدولي. وأشارت الصحيفة إلى أن احتمالات هذا السيناريو ضئيلة.
وبحسب السيناريو الثالث، الذي يعتبر احتمال تحققه ضئيل أكثر، هو أن تتراجع إيران عن برنامجها النووي، بشكل جزئي أو كامل، من أجل إزالة العقوبات عنها.
والسيناريو الرابع، الذي يعتبر احتمال تحققه ضئيل جدا أيضا، هو أن يقود فشل المحادثات إلى تليين الولايات المتحدة لمطالبها من إيران، في محاولة للتوصل إلى حد أدنى من التفاهمات لإنهاء الأزمة.
وادعى مسؤول إسرائيلي أن "إيران تبعد عدة أسابيع من إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المخصب لقنبلة نووية واحدة. والسؤال حول حدوث ذلك متعلق بإرادتها السياسية لتنفيذ ذلك فقط"، حسبما نقلت عنه صحيفة "يسرائيل هيوم"، اليوم.
إلا أن هذا المسؤول أشار إلى أنه "في هذه الاثناء لا يدور الحديث عن تطوير القنبلة نفسها، ولا يوجد دليل حتى الآن على نوايا إيرانية لصنع قنبلة". وتابع أنه بسبب تطوير البرنامج النووي الإيراني في السنتين الأخيرتين، فإنه "ليس بالإمكان تقريبا العودة إلى الاتفاق النووي الأصلي من العام 2015".
وأشار المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، إلى أنه "لا يوجد أي مسؤول جدي في إسرائيل يقدر أن النظام الإيراني يعتزم إطلاق قنبلة ذرية نحو الكِرْياه (مقر وزارة الأمن والجيش) في تل أبيب. وليس هذا هو الموضوع. لكن يتعين على أي حكومة في إسرائيل أن تأخذ بالحسبان أن المسدس النووي الموضوع على الطاولة في الحرب القادمة قد يطلق النار في الحرب التي تليها. وبإمكان أميركا أن تتعهد لنا بضمانات بالغة، لكن التهديد المباشر في النهاية هو علينا فقط. ولذلك، فإن استثمار الموارد في الردع، الدفاع، وبالهجوم أيضا مبرر في حال كان هجوم استباقي إسرائيلي ممكن وإذا كان الثمن محتمل".
وأضاف برنياع أن "هذا كله بعيد الآن، ليس مهددا، ومعزول عن الحياة الحقيقية. وعندما يفكر الإسرائيليون بفيينا، فإن انتشار كورونا هناك يقلقهم أكثر من انتشار النووي. لكن عميقا في القلب هم يعلمون أن الوباء مؤقت. وسيحصد ثمنا بالأنفس، بالاقتصاد، بالسياحة المغادرة والوافدة، وبعد ذلك سيختفي. والإيرانيون سيبقون بعده".
وعبّر رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، أمس، عن معارضه لاتفاق نووي مرحلي. وكتب برنياع أن اتفاقا كهذا "لن يزيل التهديد لكنه سيحرر أموالا إيرانية لأهداف عسكرية أخرى. وفي جميع الأحوال لن تصل بشائر جيدة من هناك، وإسرائيل هي الشنيتسل في المطبخ الذي سيُفتح في فيينا اليوم".