المصدر / وكالات - هيا
على مدى الساعات الماضية، صدمت مقاطع مصورة انتشرت على مواقع التواصل مئات الإيرانيين. فقد أظهر العديد منها تقاتل المواطنين على المواد الغذائية والسلع، فضلا عن تكسير ونهب بعض المحال بهدف الحصول على سلع غذائية، لاسيما بعد رفع أسعارها بشكل مفاجئ من قبل السلطات.
كما بينت الفيديوهات الزبائن المذعورين يجتاحون المتاجر ويعبئون السلع الأساسية في أكياس بلاستيكية كبيرة.
احتجاجات وشعارات الموت
فيما عمت الاحتجاجات مدنا عدة في الجنوب الإيراني النائي الفقير، قبل أن تتوسع أكثر لاحقا، حيث صدحت هتافات الموت للمرشد علي خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي.
وقالت مينا تهراني، وهي أم لثلاثة أطفال، للأسوشيتدبرس أثناء تسوقها في أحد متاجر طهران: "أنا متأكدة من أن الحكومة لا تهتم بالمواطنين"، وهي تنظر بعين ذاهلة إلى سعر المعكرونة - التي ارتفعت من 75 ألف ريال الشهر الماضي إلى 165 ألف ريال للرطل.
بدوره، شكا حسن شهبازاده، أحد سكان العاصمة، من أن الإيرانيين الذين توقفوا عن تناول اللحوم أو منتجات الألبان لتوفير المال لم يعد لديهم ما يتخلون عنه. وقال: الآن حتى المعكرونة تُنزع عن مائدة طعامهم.
غضب شديد
فيما أكد صالح، وهو عامل في متجر للبقالة في سوسنرد، مدينة في مقاطعة خوزستان الغنية بالنفط جنوب غرب إيران، التي تقطنها أغلبية عربية أن "هذه القفزة في أسعار الدقيق أثارت غضب الإيرانيين".
كما أشار إلى أن سعر كيس الدقيق الذي يزن 40 كيلوغراما ارتفع إلى ما يعادل 18 دولارا مقارنة بـ2.5 دولار في الأسابيع الأخيرة، مما أثار غضبا شديدا في المحافظة المضطربة.
إلى ذلك، صالح الذي لم يذكر سوى اسمه الأول خوفا من انتقام الحكومة: "هرع الكثيرون إلى محلات البقالة لشراء المعكرونة وأغراض أخرى لاحتياجاتهم اليومية".
رفع مفاجئ
أتت تلك التظاهرات أمس، بعدما رفعت السلطات بشكل مفاجئ أسعار مجموعة مختلفة من السلع، منها زيت الطعام والدجاج والبيض والألبان بنسبة تصل إلى 300 بالمائة، الخميس.
في حين استبق آلاف الإيرانيين هذا القرار، فهموا إلى المحال الغذائية وانتظروا لساعات في صفوف طويلة للحصول على الغذاء.
كما أفرغوا رفوف محلات البقالة في أنحاء البلاد خلال ساعات قبل دخول رفع الأسعار حيز التنفيذ، بحسب ما أفادت أسوشييتد برس.
ولم تكشف تلك المشاهد عن قلق عميق يلف البلاد وإحباط لدى العديد من المواطنين من قادة إيران، إنما أبرزت أيضاً التحديات الاقتصادية والسياسية الكبيرة التي تواجه السلطات.
بالتزامن، سجلت العملة الإيرانية، أمس، تراجعاً ملحوظاً لتصل إلى 300 ألف ريال مقابل الدولار.
أزمة أوكرانيا
يشار إلى أن أسعار الغذاء كانت ارتفعت بشكل كبير في أنحاء الشرق الأوسط بسبب أزمات سلاسل الإمداد العالمية والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لاسيما أن طهران تستورد نصف زيوتها للطهي من كييف، حيث منع القتال الكثير من المزارعين عن حقولهم.
كما أنها تستورد كميات من القمح من روسيا على الرغم من أنها تنتج نصف قمحها تقريباً.
إلى ذلك، زادت معدلات تهريب الخبز المدعم الإيراني إلى العراق وأفغانستان المجاورين بينما انتشر الجوع في أنحاء المنطقة.
جفاف وعقوبات
بالإضافة إلى كل تلك الأسباب أعلاه، ضغط الجفاف بالفعل بشكل كبير على الاقتصاد الإيراني.
كما زادت العقوبات الغربية المفروضة على البلاد جراء انتهاكاتها للاتفاق النووي من الصعوبات.
30 % تحت خطر الفقر
وكان التضخم في البلاد قفز مؤخراً إلى نحو 40 المائة، وهو أعلى مستوى له منذ 1994، وظلت بطالة الشباب مرتفعة بشكل قياسي أيضا، في حين سجل مركز الإحصاء الإيراني وجود ما يقارب 30 بالمائة من الأسر في البلاد تحت خط الفقر على الرغم من أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كان وعد عند انتخابه الصيف الماضي (يويو 2021) بخلق فرص عمل ورفع العقوبات وإنقاذ الاقتصاد، لكن المحادثات لإعادة إحياء الاتفاق النووي المتداعي مع القوى العالمية وصلت لطريق مسدود.
يشار إلى أن تلك الاحتجاجات أعادت إلى الأذهان ذكريات رفع أسعار الوقود في إيران قبل ثلاث سنوات حين اجتاحت احتجاجات واسعة النطاق كانت الأعنف منذ إقامة "الجمهورية الإسلامية" عام 1979 أنحاء البلاد، ما أدى إلى مقتل مئات المتظاهرين في حملة قمع غير مسبوقة، وفق ما أفادت في حينه منظمة العفو الدولية.