المصدر / وكالات - هيا
في محاولة لإظهار "وحدتها" أمام الصين، تواصل دول مجموعة "آسيان" تدريباتها العسكرية المشتركة الأولى بدون أطراف خارجية، على أمل "ردع" بكين، التي تواصل توسيع فرض هيمنتها على عدة جزر ببحر الصين الجنوبي.
التدريبات التي بدأت الثلاثاء وتتواصل حتى السبت، تجري في بحر ناتونا الجنوبي في إندونيسيا، وهو جزء من بحر الصين الجنوبي، وسط تصاعُد التوترات بين دول في الآسيان وبين الصين، تخص النزاع حول السيادة على جزر ومناطق، وتوسيع الصين وجودها العسكري في البحر الذي تمر به تجارة عالمية بأكثر من 3 تريليونات دولار.
تتكوّن "الآسيان" من 10 دول في جنوب شرق آسيا: إندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام وبروناي وكمبوديا ولاوس وميانمار، وسبق أن أجرت تدريبات عسكرية مع الولايات المتحدة ودول أخرى، وهذه أول مرة تقوم بها بلا شريك من خارجها.
كما جاءت التدريبات التي تسمّى بـ"ASEX 01-Natuna" (ناتونا دول الآسيان) عقب اجتماع وزراء دفاع دول الرابطة في بالي يونيو الماضي، وبعد اختتام أخرى تسمّى "سوبر غارودا شيلد" نظّمتها إندونيسيا والولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، وتوسّعت هذا العام لتشمل اليابان، وفق صحيفة "نيكي آسيا".
ووفق تقديرات محلل عسكري أميركي تحدّث لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإنه مع سعي "الآسيان" لإظهار "الوحدة" أمام الخطر الصيني، فإنها قد تحتاج أيضا إلى التفاوض مع الصين للحد مّن توسعها العسكري في جزر البحر.
حجم المناورات
تجرى التدريبات الجديدة أيضا، وسط احتجاجات دبلوماسية على إصدار الصين الشهر الماضي خريطة "النقاط العشر" والتي توسّع مطالباتها لتغطي نحو 90 في المئة من بحر الصين الجنوبي، بينما رفضت الفلبين وماليزيا وتايوان وفيتنام الخريطة، ووصفتها بأنها لا أساس لها.
تشمل التدريبات الجديدة، وفق قناة "تشانيل نيوز آشيا" نقلا عن الجيش الإندونيسي:
إبحار 5 سفن حربية من إندونيسيا وبروناي وماليزيا وسنغافورة من جزيرة باتام إلى منطقة قريبة من جزر ناتونا في مواجهة المياه المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي.
القوات الجوية الإندونيسية تشارك بمروحيات داعمة.
المناورات غير قتالية، وتقام في بحر ناتونا الجنوبي بعد تغيير مكانها من أقصى جنوب بحر الصين الجنوبي بسبب حساسية هذا الموقع.
تهدف إلى تطوير المهارات العسكرية بما في ذلك الأمن البحري والدوريات وتوزيع المساعدات الإنسانية والإغاثة في حالات الكوارث.
وعن الهدف الأشمل للمناورات، قال الأدميرال يودو مارجونو، قائد القوات المسلّحة الإندونيسية، إن "وحدة دول الآسيان لن يتم الحفاظ عليها بشكل جيّد إلا بالتكامل بين دولنا، وتعزيز قدراتنا وإمكانياتنا العسكرية للحفاظ على السلام والازدهار والأمن الإقليميين".
تشهد مياه بحر الصين الجنوبي توترات شديدة بين حين وآخر، تصاعدت في الآونة الأخيرة. ومن أسبابها:
أنشأت الصين جزرا صناعية عسكرية في البحر لتتصدى للسفن التي تدخل المنطقة، وفق وكالة "رويترز".
هناك نزاعات حول السيادة على جزر ومناطق بين الصين والفلبين وماليزيا وتايوان وبروناي وإندونيسيا وغيرها في بحر الصين الجنوبي وما حوله؛ مما يجعلها نقاطا ساخنة لصراع محتمل.
أعلنت الفلبين نهاية ديسمبر الماضي تعزيز وجودها العسكري في بحر الصين الجنوبي، عقب تقارير بأن بكين بدأت تطوير أراضٍ غير مأهولة حول أرخبيل سبراتلي المتنازع عليه.
وفق صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، باتت الصين القوة المهيمنة في بحر الصين الجنوبي بعد إنشائها 20 بؤرة استيطانية في جزر "باراسيل" و"سبراتلي"، نقلت إليها المزيد من المعدات العسكرية، شملت قاذفة صواريخ ثقيلة، ورادارات وأجهزة استشعار تسمح لها برؤية وسماع كل ما يحدث في المنطقة تقريبا.
وحدة وتفاوض
يربط المحلل العسكري الأميركي، بيتر أليكس، بين هذا التوسّع الصيني في بحر الصين الجنوبي وبين دوافع التدريبات المشتركة الجارية لدول الآسيان.
وبتعبيره، فإن هذه التدريبات "هي محاولة للرد على الصين، لكن دون استفزازها، عبر إظهار الوحدة بينها بدلا من الانقسامات التي سادت نتيجة اختلاف المواقف حول أزمة ميانمار".
وفي تقدير أليكس، فإن "الجزر الصناعية العسكرية الصينية تستلزم من تلك الدول الوحدة، وكذلك التفاوض مع الصين لوضع اتفاقات وقواعد بشأن تصرفاتها في المنطقة".
يشدد على هذا الأمر الأخير؛ كون أن توسيع بكين وجودها العسكري في جزر البحر، سيدفعها لعدم التراجع عن مكاسبها، حتى في حال اندلاع أي صراع في المنطقة.