المصدر / وكالات - هيا
مع تجديد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، دعوته لوضع دستور جديد للبلاد، تتحضر تركيا لمعركة سياسية حامية بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وأحزاب المعارضة، قد تنعكس آثارها على الانتخابات المحلية المقررة مارس 2024.
وأمام جلسة افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان بعد انتهاء العطلة الصيفية، الأحد، دعا أردوغان القوى السياسية إلى صياغة دستور جديد، مشددا على أن يساهم التغيير في التخلص من إرث الانقلابات، وأن يجد المواطن نفسه ضمن الدستور.
ورغم توافق الحزب الحاكم والمعارضة على تغيير الدستور، إلا أنه مُنتظر أن يشتد الخلاف بينهما حول ملفات فحوى الدستور القادم، منها: هوية الدولة، تعريف المواطنة، المرجعية الإسلامية، الحجاب، الأكراد، صلاحيات الرئيس، طبيعة نظام الحكم ما بين رئاسي وبرلماني.
"دستور مدني"
مما جاء على لسان أردوغان في جلسة افتتاح البرلمان حول هدفه من الدستور الجديد، وفق ما نشرته وكالة أنباء الأناضول:
الدستور الحالي تم تعديله أكثر من 20 مرة حتى أصبح مترهلا.
نريد دستورا مدنيا جامعا وشاملا، يوضع بالتوافق والحوار، ويليق بمئوية تركيا (ذكرى مرور 100 سنة على إعلان الجمهورية التركية الحديثة عام 1923).
في إشارة للخلافات بين الحزب الحاكم والمعارضة حول هوية الدستور، وجه الرئيس التركي نقدا لأحزاب المعارضة، قائلا إنها شكت من الدستور الانقلابي (أي الموضوع تحت سلطات الانقلابات العسكرية منذ عام 1982) ولكنها لم تقبل مشاركتنا في صياغة دستور جديد.
بدوره قال رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش: "سنبذل جهودًا غير عادية لتتويج القرن الثاني لجمهوريتنا بدستور جديد، من خلال المناقشة دون تحيز".
ويتطلب وضع دستور جديد موافقة 400 نائب من أصل 600، بينما يحتاج إلى 360 صوتا على الأقل لإحالته إلى الاستفتاء؛ وبذلك يحتاج الحزب الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية إلى دعم 40 نائبا.
وبدأت الحياة الدستورية في تركيا في القرن 19، وشهد القرن 20 وضع عدة دساتير، منها دستور 1921 الصادر خلال حرب الاستقلال، وعقب إعلان مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية صدرت دساتير 1924 و1961 و1982.
دوافع التغيير
النائب البرلماني السابق عن حزب العدالة والتنمية، رسول طوسون، يقول لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن من دوافع الحزب للتغيير:
الدستور الحالي أعده الانقلابيون وفرضوه على الشعب، ورغم تعديله عدة مرات إلا أنه يتضمن روح الانقلاب في الكثير من مواده.
تركيا بحاجة لدستور يتلائم مع روح الزمان والتطورات الحديثة، ومع قيم الشعب التركي المسلم المحافظ.
الحكومة والمعارضة
يرجح المحلل السياسي التركي، هشام غوناي، أن تبدأ خطوات وضع الدستور بعد الانتخابات البلدية مارس القادم.
ويلفت إلى أنه رغم توافق الحكومة والمعارضة على وضع دستور جديد، إلا أن لكل منهما أهدافا مختلفة، وعلى سبيل المثال:
أردوغان يسعى لإعادة تعريف المواطنة للتفريق بين الانتماء العرقي والوطن، والذي هو السبب الأساسي في الخلاف بين الأتراك والأكراد.
قد يتم الاعتراف باللغة الكردية كلغة ثانية.
يريد الرئيس أن يجعل حق ارتداء الحجاب نصا دستوريا.
أن تكون المراجع الإسلامية واحدة من مصادر صياغة القوانين الأساسية.
أما المعارضة، فترفض نقاش المساس بعلمانية الدولة.
المعارضة ترى أن تعريف المواطن هو الانتماء للوطن، حيث أن شخصا يحمل الجواز التركي فهو مواطن بغض النظر عن عرقه.
توجه المعارضة اتهامات لأردوغان بأنه سيحاول في الدستور الجديد دعم النظام الرئاسي، وتكريس سياسة الرجل الأوحد بتوسيع صلاحياته.
وتطالب أحزاب معارضة بالعودة لنظام الحكم البرلماني الذي تم إلغائه في التعديل الدستوري لعام 2017.
تغييرات منتظرة
المحلل السياسي التركي، إسلام أوزجان، ينبه إلى أنه لم يتم الإعلان عن التعديلات بشكل واضح حتى الآن.
ويعرض أوزجان لموقع "سكاي نيوز عربية" توقعاته لما قد يتغير في الدستور القادم:
قد يتضمن موادا ترسخ الحكم الرئاسي الذي يجمع الصلاحيات في يد واحدة.
قد يكون في تخطيط أردوغان إضافة فقرة تسمح له بالبقاء رئيسا لأكثر من فترتين.
خطوات الرئيس دائما ما تهدف لتعزيز موقعه، ولا أشك أنه، حتى لو قبل بمشروع قانون يقلل من صلاحياته في بعض المجالات، سيتوازن وسيكون له تعويض بزيادة صلاحياته في مجالات أخرى.
يهدف الدستور الجديد لتحسين العلاقات مع الغرب، وأن يحظى أردوغان بشرعية أكثر كفاعل في النظام الدولي.
قد تشمل التغييرات موادا تسبِّب مشكلات في الاقتصاد.
قد تجري تغييرات تدعم الشريحة المتدينة، مثل ما يخص الحجاب.