المصدر / وكالات
بدأ الرئيس الأميركي باراك أوباما زيارة إلى فيتنام، هي الثالثة لرئيس أميركي بعد زيارتي بيل كلينتون وجورج بوش الابن عامي 2000 و2006, كما يزور أوباما في 27 مايو/أيار الجاري مدينة هيروشيما اليابانية.
استمع
لطالما شكل "التوجه نحو آسيا" شعارا تليدا في السياسة الخارجية التي حاول الرئيس الأميركي باراك أوباما نهجها في بدايات عهدته الرئاسية, غير أن الأزمات المتلاحقة في الشرق الأوسط ألقت بظلالها على استراتيجية أوباما في نقل مركز ثقل السياسة الخارجية من منطقة الشرق الأوسط نحو آسيا لأسباب اقتصادية واستراتيجية رغم حمولات تاريخية لا تزال قائمة في علاقات الولايات المتحدة خاصة في جنوب شرق آسيا.
بدأ أوباما زيارة إلى فيتنام هي الثالثة من نوعها بعد زيارتي بيل كلينتون وجورج بوش الابن عامي 2000 و2006, كما يزور أوباما في 27 مايو/أيار الجاري مدينة هيروشيما اليابانية التي شهدت عام 1945 أول هجوم نووي في التاريخ من طرف الولايات المتحدة, ليصبح بذلك أول رئيس أميركي في السلطة يقوم بهذه الخطوة التي تحمل دلالات تاريخية ورمزية مهمة.
رغم التطور الحثيث الذي شهدته العلاقات بين الولايات المتحدة وفيتنام طيلة العقود التي أعقبت انتهاء الحرب عام 1975, ظلت حالة انعدام الثقة والتوجس والخوف من الماضي سائدة منذ ذلك الوقت.
وقد تبدد ذلك جزئيا مع الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي بيل كلينتون للعاصمة هانوي عام 2000, لتتعزز العلاقات الثنائية بزيارة أخرى عام 2006 للرئيس جورج بوش الابن في أوج الغزو الأميركي للعراق, وهو ما شكل فرصة آنذاك لإحداث مقارنة بين حربين استنزفتا الولايات المتحدة بشكل مهول على الصعيدين المادي والبشري.
وبزيارة أوباما أصبح الحديث عن حرب الولايات المتحدة في فيتنام جزءا من الماضي, إذ يتطلع الجانبان إلى تعزيز علاقاتهما التجارية والأمنية بوتيرة سريعة, تحركها في ذلك قوة التهديدات التي تشكلها الحشود العسكرية لبكين في بحر الصين الجنوبي.
في هذا السياق يرى الباحث في شؤون جنوب شرق آسيا في معهد وودرو ويلسون الدولي للباحثين مايكل كوغلمان أن زيارة أوباما تعكس التزامه "بإعادة التوازن" الاستراتيجي نحو آسيا رغم الشكوك التي تبديها بعض الدول في مدى نجاحه في إتمام هذه المهمة.
تطبيع العلاقات
وفي تصريحات للجزيرة قال كوغلمان إن هذه الزيارة لا تتعلق بتطبيع للعلاقات كما حدث مع كوبا أو انفتاح مع إيران، على اعتبار أن الولايات المتحدة تتمتع بمستوى وثيق من التعاون مع هانوي مقارنة مع هذه الدول، رغم التحديات التي واجهتها هذه العلاقات منذ انتهاء حرب فيتنام.
وحملت زيارة أوباما لهانوي الإعلان عن رفع الحظر الأميركي على مبيعات الأسلحة الفتاكة لفيتنام بالكامل، في خطوة تؤسس لمرحلة غير مسبوقة من التعاون بعد عقود من العداء القديم.
وأثارت الخطوة حفيظة الصين التي ترى أنها موجهة ضد مصالحها بالأساس على خلفية النزاع في بحر الصين الجنوبي الذي تمر منها تجارة بقيمة خمسة تريليونات دولار سنويا.
ورأى كوغلمان أن الصين يجب ألا تشعر بالقلق من رفع الحظر عن الأسلحة على الأقل في المرحلة الحالية باعتباره يشمل بالأساس معدات عسكرية في مجال المراقبة وحماية الحدود, وأشار إلى أن واشنطن ترغب في تجنب صراع مع الصين وعدم الانجرار إلى النزاع الإقليمي في هذه المنطقة.
زيارة اليابان
كما يتوجه الرئيس الأميركي عقب انتهاء زيارته لفيتنام إلى اليابان، وذلك للمشاركة في مجموعة قمة الدول الصناعية السبع التي تعقد الخميس المقبل, وسيحل أوباما الجمعة في هيروشيما موقع أول قصف في العالم بالقنابل النووية عام 1945, في أول زيارة يقوم بها رئيس أميركي في السلطة.
ورغم أن أوباما كرس جهدا دبلوماسيا كبير لإدارته في الحد من الانتشار النووي حول العالم كُلل بالتوصل إلى اتفاق تاريخي مع إيران, لن يقدم الرئيس الأميركي اعتذارا عن واقعة هيروشيما كما يطالب اليابانيون.
ويرى ريتشار وييتز المحلل السياسي في معهد هادسون للدارسات الاستراتيجية أن زيارة أوباما لهيروشيما لن تحمل اعتذارا لسبب بسيط، هو أن اليابان هي من بدأت الحرب باستهدافها الشهير للأسطول الأميركي في ميناء بيرل هاربر بجزر هاواي عام 1941, كما أضاف في حوار مع الجزيرة أن مثل هذا الاعتذار لن يساعد بأي حال في رسالة أوباما لعالم خال من الأسلحة النووية لأن الولايات المتحدة تتطلع للمستقبل وليس العودة إلى الماضي.