المصدر / وكالات
تستضيف العاصمة الفرنسية باريس اليوم أعمال اللقاء الوزاري الذي يضم اربعة وعشرين وزير خارجية بمن فيهم وزير الخارجية الامريكي جون كيري ووزراء خارجية من دول عربية، ولن يشارك وزير خارجية روسيا لافروف وسيمثلها بوغدانوف.
ويعقد هذا اللقاء الدولي بغية بحث المبادرة الفرنسية للتسوية السلمية والترتيب للقمة الدولية، التي يفترض أن تعقد لاحقا لإطلاق مفاوضات مباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وقال مسؤول في واشنطن ان الولايات المتحدة لم تتخذ اي قرار حول القيام بدور ما في اطار المبادرة الفرنسية وان كيري لا يحمل في جعبته اي اقتراحات جديدة
في هذه الأثناء، استبق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عقد اللقاء، بإعلان رفضه للمبادرة، وأن "السبيل للسلام لا يمر عبر مؤتمرات دولية تحاول أن تفرض تسوية".
وأبدت إسرائيل خشيتها من المبادرة الفرنسية لأنها رأت فيها أولاً وقبل كل شيء كسراً لاحتكار الرعاية الأميركية للمفاوضات، وأنها أيضاً تحاول فرض تسوية غير مقبولة من وجهة نظرها.
ويتّسم لقاء وزراء الخارجية التمهيدي هذا بأهمية خاصة، بعد انضمام وزير الخارجية الأميركي جون كيري له وتأييده للمبادرة الفرنسية. ومن المقرر أن يستمر اللقاء حوالي يومين يصدر بعده بيان مشترك. ويبدو أنه خلافاً لورقة العمل الفرنسية التي نشرت معطياتها صحيفة "هآرتس"، هناك محاولة أميركية لحصر نتائج لقاء وزراء الخارجية في بيان عمومي قدر الإمكان.
وتحاول جهات أميركية تهدئة مخاوف الحكومة الإسرائيلية من لقاء وزراء خارجية الدول المشاركة، مشددةً على أن الصيغة الأميركية، وليس الفرنسية، هي ما سيتم تبنيه في المؤتمر. وتطالب أميركا بإبقاء المؤتمر الدولي على مستوى وزراء الخارجية، وليس تطويره وجعله مؤتمر قمة عالميا. وقالت مصادر أميركية إنها ترفض أن يكون المؤتمر الدولي منصةً للانقضاض على إسرائيل، أو لفرض معايير دولية لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وتؤكد أن المبادئ ستكون عمومية ومتفقا عليها.
ورغم التطمينات الأميركية، فإن إسرائيل خائفة فعلاً من لقاء وزراء الخارجية في فرنسا المنعقد اليوم، وتستعد لنتائجه فضلاً عن عواقب تقرير الرباعية الدولية عن المستوطنات وخطرها على السلام. وأقر مسؤول إسرائيلي كبير بهذه المخاوف، معلناً أن الخطير في الأمر هو أن إسرائيل لم تستعد بما فيه الكفاية لمواجهة هذا الخطر. وأقر هذا المسؤول لموقع "ماكور ريشون" بـ "أننا ضُبطنا غير مستعدين بما فيه الكفاية لمؤتمر السلام".
وأضاف أن سبب انعدام جاهزية إسرائيل لمواجهة عواقب المؤتمر، يكمن في "انشغالها المكثف بالتدابير السياسية الداخلية في إسرائيل"، قاصداً توسيع الحكومة والمفاوضات مع المعسكر الصهيوني في الأسابيع الماضية.
وكان ديوان رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية في إسرائيل قد شرعا منذ يومين فقط بحملة إقناع في أوساط العديد من الدول المشاركة في المؤتمر. وبدأت إسرائيل في بلورة استراتيجية لمواجهة مؤتمر السلام في باريس، والذي يبدأ بتحضير وزراء الخارجية له عبر لقائهم المقرر اليوم. ولأسباب غامضة، أبدت إسرائيل ارتياحها لعدم إرسال ألمانيا وبريطانيا وزيري خارجيتهما إلى اللقاء، واكتفائهما بممثلين على مستوى أقل. كما قد لا يحضر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اللقاء، وقد يرسل واحداً من نوابه. ومع ذلك، فإن وجود وزير الخارجية الأميركي في اللقاء يضفي عليه أهمية خاصة. ومعروف أن الدعوة لم توجه لمندوبي فلسطين وإسرائيل بوصفهما الجهتين موضوع النقاش.
وسيفتتح لقاء وزراء الخارجية اليوم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بإلقاء خطاب، قبل أن تبدأ أولى جلسات العمل التي ستمتد على مدى ثلاث ساعات. وتأمل فرنسا أن يشكل اللقاء تحضيرا للمؤتمر الدولي للسلام الذي تنوي عقده قبل نهاية العام الحالي بمشاركة الإسرائيليين والفلسطينيين.
وقبل يومين فقط من بدء لقاء وزراء خارجية الدول المشاركة في المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط، حمل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على المؤتمر، داعياً بدلا منه إلى بدء مفاوضات مباشرة، ومحذراً من خطر أن يقود اللقاء إلى تطرف المطالب الفلسطينية، وبالتالي إبعاد السلام.
وانتقد نتنياهو مساء الأربعاء الماضي في حفل منح شهدات الدكتوراه في جامعة بار إيلان مبادرة السلام الفرنسية، معتبراً أن "السبيل للسلام لا يمر عبر المؤتمرات الدولية التي تحاول فرض تسوية، وتدفع إلى تطرف المطالب الفلسطينية، وبالتالي إبعاد السلام".
وأضاف نتنياهو أنه "لو كانت الدول المجتمعة في باريس هذا الأسبوع تطمح حقاً لحث السلام، لكان عليها الانضمام لدعوة أبو مازن للبدء بمفاوضات مباشرة كهذه. هذا هو الطريق للسلام ولا طريق سواه".
وأعلن نتنياهو أنه لا يكف عن البحث عن سبل لتحقيق السلام، بما في ذلك بالاستعانة بدول المنطقة. وأوضح أن "الطريق إلى السلام يمرعبر المفاوضات المباشرة، ومن دون شروط مسبقة بين الطرفين. وهذا ما كان في الماضي عندما حققنا السلام مع مصر، وأيضاً مع الأردن، وهو ما ينبغي أن يكون مع الفلسطينيين أيضاً".
وقال نتنياهو "إننا ندافع عن البلاد، ونحن نحافظ على حدودها مقابل الجولان، مقابل غزة، مقابل الحدود الجنوبية. ومع ذلك، لا نكف عن البحث عن سبل للسلام، بما في ذلك عبر المساعدة في تطورات هامة في المنطقة".
ومن الواضح ان نتنياهو يتحدث في جهة ورجاله يتحدثون في الجهة المعاكسة. وفي مقابلة مع إذاعة 101.5 FM الإسرائيلية، قال عضو الكنيست ميكي زوهر، المقرب من نتنياهو ومن أعضاء حزبه، إن رئيس الحكومة يعتبر أن إنشاء دولة فلسطينية خطأ. وأضاف أن "الجمهور في إسرائيل صوّت بشكل واضح لصالح حكومة يمين قومية، وهذا ما ناله".
وبحسب زوهر، فإن "الجملة الأولى بشأن دولتين لشعبين، هي أن هذا لن يحدث أبداً. نحن سنتأكد أن هذا لن يحدث. بوسع الجميع أن يقول ما يرى. هناك أهمية لقول شيء وأهمية لفعل شيء. نحن نعارض إنشاء دولتين لشعبين. بالمناسبة، رئيس الحكومة، إن سألتم، لم يقل أبدا أنه يؤمن بالفكرة، إنه فقط قال إنه ملتزم بالفكرة، وسبب التزامه بها هو تلك الاتفاقيات الملعونة المسماة اتفاقيات أوسلو".
وأكد زوهر أن "رئيس الحكومة يؤمن أن إنشاء دولة فلسطينية أمر خطأ. وبوسعي قول هذا ليس باسمه وإنما باسمي. هذا ما أشعر به. أنا أظن أن رئيس الحكومة لا يؤمن بالفكرة، لكن واضح أن هناك اتفاقات دولية، وهي ليست اتفاقيات جيدة. علينا التخلص منها، لأن هذه الاتفاقات ببساطة يمكنها أن تلحق ضرراً لا يمكن إصلاحه بأمن مواطني الدولة".