المصدر / وكالات
قبل 17 عاماً، وفي مثل هذا اليوم، تسلم بنيامين نتانياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية للمرة الأولى، وجلس على كرسيه لثلاث سنوات ليطيحه إيهود باراك، لكنه عاد إلى هذا الكرسي مطلع نيسان (أبريل) عام 2009، وما زال يجلس عليه لسبع سنوات متواصلة، وسط توقعات بأن يواصل سنوات أخرى في غياب سياسي يشكل له نداً حقيقياً.
وعلى رغم اتساع الانتقادات الشديدة لنتانياهو، آخرها من أربعة جنرالات نافذين سياسياً أيضاً، بينهم وزيرا الجيش في حكومتيه السابقتين ايهود باراك وموشيه يعالون، على «تسببه في شرخ هائل داخل المجتمع الإسرائيلي»، و «تقويضه قيَم الديموقراطية»، و «جر إسرائيل نحو الهاوية»، وعلى رغم التحقيق معه ومع زوجته في قضايا تلامس الفساد المالي، إلا أنه ما زال بنظر 35 في المئة من الإسرائيليين، وفق استطلاع الإذاعة الجمعة، الرجل الأنسب لهذا المنصب، يليه بفارق هائل زعيم حزب يمين الوسط «يش عتيد» («هناك مستقبل») يائير لبيد مع 14 في المئة، ثم يعالون (12 في المئة)، فزعيم «المعسكر الصهيوني» المحسوب على يسار الوسط اسحق هرتسوغ (10 في المئة).
واختلفت قراءة المحللين لهذه الأرقام، فبينما رأى البعض أنها تأكيد على أن لا منافس حقيقياً له في المدى المنظور، رأى آخرون أن يقرأوها بأن 65 في المئة من الإسرائيليين لا يرون فيه الأنسب لتسيير أمور الدولة العبرية، وأن من شأن اتفاق أقطاب المعارضة على مرشح من بينهم أن يحدثَ تغييراً في الرأي العام لمصلحة هذا المرشح، لكنهم أضافوا مستدركين أن اتفاقاً كهذا يبدو شبه مستحيل بين شخصيات يرى كل منها في نفسه الأجدر لقيادة تحالف يقف ضد نتانياهو، فضلاً عن خلافات بينها في عدد من المسائل الجوهرية.
ولفت أحدهم إلى أن الإسرائيليين سبق أن نزعوا ثقتهم عن باراك عام 2001 وألحقوا به شر هزيمة، فيما يُعتبر يعالون سياسياً «باهتاً» لن يقدر على مهارات نتانياهو الخطابية. أما لبيد، فإن المتدينين المتزمتين الذي يشكلون أكثر من 15 في المئة من الإسرائيليين يرون فيه عدواً لدوداً على خلفية مواقفه العلمانية المناوئة لهم. في المقابل، فقدَ هرتسوغ الثقة حتى بين ناخبي حزبه «المعسكر الصهيوني» الذين قال 23 في المئة منهم إنهم يرون في يعالون اليميني المعتدل الأنسب لرئاسة الحكومة.
مع ذلك، يتمسك المتفائلون بإمكان إطاحة نتانياهو في صناديق الاقتراع في حال واصل المنتقدون له حملتهم ضده، خصوصاً من رؤساء هيئة أركان الجيش السابقين باراك ويعالون وغابي أشكنازي وبيني غانتس، والأخير لم يتردد مع خلع بزته العسكرية من التحذير من أن نتانياهو يشكل خطراً على إسرائيل.
وكان باراك ويعالون شنّا هجوماً عنيفاً على نتانياهو أول من أمس في مؤتمر هرتسليا السنوي. واعتبر مراقبون كلام باراك الأعنف الذي توجهه شخصية بمكانته إلى نتانياهو وحكومته «الضعيفة والمتطرفة التي فشلت في توفير الأمن، وتزعزع نسيج الديموقراطية في إسرائيل».
ودعا باراك رئيس الحكومة إلى الكف عن تخويف الإسرائيليين و «كأننا على شفا كارثة ثانية». ودعا إلى تجند شعبي لتغيير الحكم، و «علينا ان نعمل كلنا من أجل إسقاط هذه الحكومة، سواء في صناديق الاقتراع أو بحملة احتجاج شعبي قبل أن يصبح متأخراً».
وأردف أن «نواة متطرفة ذات ايديولوجية متطرفة سيطرت على ليكود ونظفت قيادة الحزب من كل شخص تعنيه القيم الديموقراطية فيما القيادة الحالية تنجر وراء هذه النواة». وأضاف محذراً: «ثمة سيرورة من تآكل الديموقراطية وظهور براعم الفاشية في الحكومة... التطرف المتبلد الحس والعمى سيطرا على نتانياهو وحكومته، وثمة أجندة خفية مسيحانية تقوم بجرنا نحو هاوية».
واتهم رئيس الحكومة بأنه يتبنى نهج «فرّق تسد»، ما تسبب في إحداث شرخ كبير في المجتمع الإسرائيلي، و «لم يعد أي زعيم في العالم يصدق نتانياهو، وغالبية العالم مقتنعة بأن حكومة نتانياهو ترفض حل الدولتين». وأضاف أن تطبيق هذه الأجندة «سيأتي بدولة واحدة ستكون إما دولة أبرتهايد ينبذها العالم وتنهار، أو دولة ثنائية القومية مع أقلية يهودية تخوض حرباً أهلية... والاحتمالان يشكلان نهاية المشروع الصهيوني».
وقال يعالون من جهته، إن ما يقض مضجعه أكثر من شاحنات الأسلحة من سورية إلى لبنان وأكثر من إيران، «هو التصدعات داخل المجتمع الإسرائيلي وتآكل القيم الأساسية ومحاولات المس بالجيش وانجرار الحكومة وراء أقلية تسللت إلى التيار المركزي والقيادة وجرتها إلى هاوية من خلال عنترية وسجال عنصري وعنيف وتحريضي».
وأضاف أنه لا يوجد أي خطر وجودي على إسرائيل في المستقبل المنظور، لكن نتانياهو اختار عقيدة مغلوطة تقوم على التخويف من أخطار وجودية كي يلهي الإسرائيليين عن المشاكل اليومية التي يعيشونها. وزاد أن ما يعني نتانياهو هو التمسك بالسلطة «مهما كان الثمن».
وأعلن يعالون، الذي استقال من منصبه قبل شهر احتجاجاً على قرار نتانياهو تسليم زعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان وزارة الدفاع، أنه حيال هذا التدهور سيترشح لرئاسة الوزراء.
عن الحياة اللندنية