المصدر / وكالات
قال المحلل الإسرائيلي “يوني بن- مناحيم” إن الخلاف على إسقاط الطائرة الروسية على يد المقاتلات التركية في الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي تحول إلى صراع شخصي على الأنا والكرامة الوطنية بين بوتين وأردوغان، وهو ما يرشح المسألة إلى مزيد من التصعيد.
ورأى محلل الشئون العربية في مقال نشره على موقعه الشخصي أن تركيا ارتكبت خطأ فادحا بالاستمرار في استفزاز الدب الروسي، إذ كان من الممكن احتواء الأزمة باعتذار أردوغان عن إسقاط الطائرة، بدلا من الاستمرار في العناد، لافتا إلى أن لدى بوتين الذي كان في الماضي رئيسا للاستخبارات التركية طرقا أخرى للتعامل مع تركيا، كالاغتيالات على سبيل المثال، علاوة على إمكانية تخلي حلف الناتو عن أنقرة وقت المعركة.
إلى نص المقال..
يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “سلسلة التعليم” التي يقدمها للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووفقا لتوجيهاته جمدت روسيا في 3 ديسمبر بناء خط الغاز الذي كان من المفترض أن ينقل الغاز الروسي إلى تركيا ومنها إلى أوروبا.
روسيا هي التي تصعد الآن المواجهة العلنية مع تركيا. وصف الرئيس الروسي حادث إسقاط قاذفة القنابل الروسية على يد سلاح الطيران التركي بكلمات “جريمة حرب” ووعد بمعاقبة أنقرة بمزيد من العقوبات.
تعهد بوتين بألا يكون الرد الروسي عصبيا، وهستيريا أو خطيرا، وأعلن “لن نستل سلاحا”، وبالفعل لدى بوتين طرق أخرى للتعامل مع تركيا.
قام الرئيس الروسي بتفعيل آلة الدعاية الفاعلة لروسيا وخرج في حملة جبارة لإثبات العلاقة بين الرئيس أردوغان وأبناء عائلته فيما يتعلق بتجارة النفط مع داعش.
نفى أردوغان الاتهامات ووصفها بـ”الافتراءات” ووصف إقحام عائلته في القضية بـ”غير الأخلاقي”.
هذه ليست نهاية القضية، فلدى الرئيس بوتين الذي كان في ماضيه البعيد رئيسا لـ”كي.جي.بي” أساليب أخرى للتعامل مع تركيا.
نشرت صحيفة “برافدا” الناطقة بلسان النظام الروسي في 20 نوفمبر تحقيقا يتهم تركيا والسعودية وقطر بدعم التنظيمات الإرهابية.
وقيل في التحقيق إن لدى روسيا الحق في الدفاع عن نفسها وفقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وبمقدورها اتخاذ تدابير متنوعة ضد من يتستر على الأعمال الإرهابية.
ونقل التحقيق للمرة الأولى عن مصدر روسي في السلطة إن الاستخبارات الروسية اغتالت الرئيس الشيشاني السابق سليم خان يندرباييف، بالعاصمة القطرية الدوحة في 13 فبراير 2000، في إشارة إلى الخطوات التي يمكن أن تنتهجها روسيا.
نشر التحقيق أزعج قادة الخليج، فالسعودية قلقة من تلك التهديدات، وهو ما اتضح الأسبوع الماضي في مقال نشره المحلل جمال خاشقجي القريب من دوائر الحكم في الصحيفة المعروفة “الحياة”.
وماذا يفعل الرئيس أردوغان؟
يواصل الرئيس التركي ارتكاب أخطاء فادحة، سافر هذا الأسبوع في زيارة استغرقت يومين إلى قطر استجابة لدعوة حاكمها الشيخ تميم بن حمد الثاني.
وقع أردوغان في الدوحة مذكرة تعاون مع قطر في مسألة توريد الغاز الطبيعي المسال، وقال إن “بلاده تنظر بإيجابية لاستثمار محتمل في مشاريع الغاز الطبيعي المسال مع دول الخليج”. وأضاف أن التوترات بين روسيا وتركيا ” تجعل هذه الصفقات أكثر إيجابية”.
بكلمات أخرى تبحث تركيا عن مصادر طاقة بديلة عن المصادر الروسية لأنها لا تريد أن تكون مرهونة بها.
خطوة الرئيس التركي هذه ينظر لها الروس على أنها تحدي، يدور الحديث عن غاز مسال يجرى نقله إلى تركيا بحاويات عملاقة ويتطلب بناء محطات خاصة بموانئ تركيا.
لن تحل هذه الخطوة أزمة تركيا المتعلقة بالغاز، حيث تستورد 60% من احتياجاتها للغاز من روسيا. يواصل الرئيس أردوغان ارتكاب الأخطاء واستفزاز الدب الروسي.
كذلك لا يحظى الرئيس أردوغان بدعم حقيقي من حلف الناتو وقد يجد نفسه وحيدا في المعركة إذا ما استمر في طريق التحريض الزائد عن الحد أمام روسيا.
طالب الأمين العام للناتو من أردوغان تهدئة التوترات مع روسيا والتركيز على الحرب ضد العدو الرئيسي ممثلا في تنظيم داعش.
حول التصعيد اللفظي بين الزعيمين بوتين وأردوغان التوترات بين الدولتين لمسألة شخصية ولمعركة الأنا والكرامة الوطنية، وهذا طريق خطير للغاية يمكن أن يعمل على المزيد من تصعيد الأوضاع المتوترة أصلا.
التقى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف 3 ديسمبر في بلجراد، وفقا لرغبة الأتراك، وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، لكن لا يبدو أنهما توصلا إلى صيغة لتهدئة التوترات بين الدولتين، وقد تجاهلت وسائل الإعلام الروسية هذا اللقاء بشكل تام، وأبرزت تهديدات الرئيس بوتين.
يبدو أن أكثر الطرق العقلانية للبدء في تحييد التوترات هي اعتذار علني من قبل تركيا بشأن إسقاط الطائرة الروسية، يمكن للرئيس أردوغان من خلال مثل هذه الخطوة وقف التآكل، ومنع التصعيد، لكن تضخم الأنا وعناده يتغلبان على مصالح تركيا.
من الواضح أن الرئيس بوتين أكثر عنادا منه ويمكن أن يمارس مزيدا من عوامل الضغط الكثيرة على تركيا، وبهذا المعدل الذي تجري به الأمور، فإن العلاقات بين روسيا وتركيا على مسار مزيد من التصعيد.