المصدر / وكالات
حراك لوحدات الجيش التونسي والجزائري لم يتوقف طيلة الأشهر الماضية على طول حدودها مع ليبيا وسط إعلانات عن ضبط الجانبين لخلايا تابعة لداعش ومواقع كان يجهزها الأخير ربما لنقل مواقعه أو لشن هجمات في مناطق أخرى خارج ليبيا.
السلطات الجزائرية أعلنت مؤخرا عن ضبطها لكمية من الأسلحة من بينها 17 صاروخا مضادا للطيران على مشارف محافظة وادي سوف الحدودية مع ليبيا، وفي تونس قالت وزارة الداخلية إنها تمكنت من كشف مخزنين للسلاح في منطقة بن قردان المتاخمة للحدود الليبية بالإضافة لإعلانها عن تمكنها من قتل "طلال السعيدي" زعيم منظمة إرهابية موالية لداعش كانت قد نفذت هجوما في محافظة القصرين قبل أيام.
وغير بعيد عن المشهد نقلت صحية "واشطن بوست" يوم السبت الماضي عن مصادرها أن قيادة "أفريكوم" تعد خططا بناء على معلومات استخباراتية تفيد بفرار مئات المقاتلين التابعين لداعش من سرت إلى مناطق أخرى، مرجحة أن سلاح الجو الأميركي قد يوسع من عملياته الجوية الحالية في سرت إلى خارج المدينة لملاحقة العناصر الفارين.
داعش يلفظ أنفاسه الأخيرة
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي يلفظ فيه داعش أنفاسه الأخيرة في عاصمته "سرت" بعد أن سيطرت القوات الموالية لحكومة الوفاق على أغلب أجزاء المدينة لتحصر وجوده في حي سكني صغير شمال المدينة.
ويتساءل مراقبون للشأن الليبي إلى أين فر عناصر داعش، فالإحصائيات التي صرح بها مسؤولون غربيون كانت تتحدث عن وجود ما يقارب 6000 مقاتل داعش في سرت، لكن المقاومة التي لقيتها قوات حكومة الوفاق لا تشير إلى وجود هذا العدد الكبير كما أن القتلى والأسرى المعلن عنهم لم يصل عددهم إلى بضع مئات. فإلى أين يتجه داعش؟
ولا يوافق كثير من متابعي الشأن الليبي على إمكانية اتجاه داعش إلى الجنوب الليبي، معللين ذلك بأن الجنوب الليبي تحت سيطرة مجموعات إرهابية تنتمي للقاعدة خصم تنظيم داعش، وتنشط هناك مجموعات يقودها "مختار بلمختار" الذي لم يتأكد حتى الآن نبأ وفاته في قصف جوي على أجدابيا شرق ليبيا آخر مكان رصد فيه مطلع العام الحالي.
معتبرين أن داعش الذي تلقى ضربات موجعة في سرت لن يتجه للجنوب ليلاقي معارضة ويدخل في صدام مسلح من جديد مع خصومه السابقين الممثلة في مجموعات القاعدة.
ترجيحات
وعلى الأرجح أن تتجه حركته إلى الغرب سيما وأن جزءا كبيرا من مقاتليه في ليبيا هم من جنسيات مغاربية وعلى رأسهم التونسيون، وكثيرا ما عبرت هذه الدول عن مخاوفها من انتشار المقاتلين العائدين من سرت بعد حسم القتال فيها الذي أوشك على النهاية.
وربما تعكس تحركات هذه الدول على الصعيد الأمني تأييدا لهذا الترجيح، فوزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني قال في تصريح صحفي أمس الاثنين إن "الشروع في تركيز المراقبة الإلكترونية للحدود بالجنوب التونسي من برج الخضراء إلى راس جدير سيبدأ قريبا"، مضيفا أن "الحدود ستصبح مؤمنة بوسائل المراقبة الإلكترونية والحرارية الضرورية في مكافحة الإرهاب" وجاء هذا الإجراء التونسي بعد عام من إقامتها ساترا ترابيا وخندقا على طول حدودها مع ليبيا.
تعزيزات أمنية جزائرية
أما في الجزائر فقد كثفت من بناء منظومتها الأمنية على الحدود الليبية وقد سبق وأن اشترت 48 مروحية من روسيا بالإضافة لاستعانتها بخبرات أجنبية لتحديث 39 طائرة أخرى زودت بمناظير الرؤية الليلية سيما وأن حدوها مع الجزائر تتوفر على سلاسل من الجبال يصعب مراقبتها ومطاردة المجموعات الخارجة عن القانون المتنقلة عبرها.
وبرز الاحتراز الأمني لدى الدولتين منذ انطلاق العمليات الجوية الأميركية في أغسطس الماضي لتتوالى على لسان مسؤولي الدولتين مخاوفهما من تسرب الفارين من سرت للبحث عن ملاذات أخرى آمنة عبر حدودهما.
إيطاليا الملاذ
لكن حديثا آخر يدور حول توجه داعش إلى الشمال، وبالرغم من مراقبة سفن عملية "صوفيا" الأوروبية الشديدة لسواحل ليبيا أعلنت السلطات الإيطالية منتصف أغسطس الماضي عن تلقيها بلاغا عن تسرب عناصر لداعش ضمن قوارب الهجرة غير الشرعية.
ونقلت صحيفة "كورييرا ديلا سيرا" الإيطالية عن مصادرها وصول عشرات من مقاتلي داعش من ليبيا إلى إيطاليا متخفين في القوارب التي يستخدمها المهاجرون غير الشرعيين.
وبحسب مسؤولين إيطاليين فإن وثائق داعش التي كشف عنها في سرت إثر سيطرة قوات حكومة الوفاق على مقرات التنظيم الرئيسية تؤكد وصول فارين من سرت إلى مدينة ميلانو الإيطالية.
وتناقلت العديد من وسائل الإعلام الإيطالية وقتها أنباء عن وجود خلية بمدينة ميلانو تسعى لتنفيذ عمليات وأنها تأتمر بأوامر قيادي للتنظيم يدعى "أبونسيم" تونسي الجنسية.
ولم يخف التنظيم منذ بداية وجوده في سرت رغبته في الوصول إلى بلدان أوروبية كإيطاليا، ففي نهاية عام 2014 ظهرت على غلاف مجلة "دابق" التابعة للتنظيم صور لساحة القديس بطرس يرفرف فوقها علم داعش، كما أظهرت فيديوهات التنظيم الدعائية على مواقع مقربة منه صورا لساحة نافونا في روما ومواقع سياحية أخرى مرفقة بعبارات تهديد بقرب تنفيذه لعمليات في هذه المناطق.