المصدر / وكالات
يبدو أن استقالة مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترمب للأمن القومي مايكل فلين، الثلاثاء، لن تنطفئ بسهولة، وستطول مفاعيلها على الساحة الأميركية، لا بل قد تفجر عدداً من المفاجآت.
فعلى الرغم من كل ما كتب حتى الآن من أن اتصالات فلين مع السفير الروسي في واشنطن والوعود التي قدمها له بأن ترمب سيسقط العقوبات التي فرضها أوباما في آخر أيامه في البيت الأبيض على موسكو، هي التي أطاحت بفلين، إلا أن ما خفى قد يكون "أعظم".
ففي تقرير نشرته صحيفة "واشنطن فري بيكن" الأميركية، نقلت عن مصادر متعددة، بحسب زعمها، في البيت الأبيض وخارجه، أن عناصر من مكتب التحقيقات الفيدرالي وغيرهم في أجهزة الاستخبارات المؤيدين لأوباما هم وراء "تسريبات" قضية فلين.
وأتت تلك الخطوة بحسب التقرير بعد "أشهر طوال" من التحضيرات من قبل "مناصري أوباما في الإدارة الأميركية والعاملين ضمن فريقه" من أجل إعاقة فريق عمل ترمب للأمن القومي، والحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران.
مايكل فلين
مهندس تلك المحاولات
أما مهندس تلك المحاولات لإفشال فريق ترمب الأمني، فهو عل ما يبدو المستشار السابق في إدارة أوباما بن رودس-الذي سعى منفصلاً بحسب التقرير إلى إنشاء ما يشبه الغرفة الداعمة لإيران.
وهدفت تلك الحملة إلى تشويه صورة فلين وإفقاده المصداقية، وهو المعروف بعدائه ومواقفه المتشددة تجاه الاتفاق النووي الإيراني.
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على تلك الحملة ضد فلين، أن تلك المجموعة الموالية لأوباما في الإدارة الأميركية عملت لأشهر من أجل وضع العراقيل أمام تشكيل ترمب لفريقه، لا سيما أمام الأسماء المعادية بقوة لإيران ولاتفاقها النووي.
وألمحت الصحيفة إلى أن العديد من التسريبات التي سبقت تنصيب ترمب هدفت إلى عرقلة وصوله وفريقه إلى البيت الأبيض. ونقلت عن أحد استشاريي الأمن القومي المتخصصين والذي تربطه صلات بالبيت الأبيض قوله "إنه من الواضح أن حملة تشويه فلين بدأت قبل تنصيب ترمب بوقت طويل".
بن رودس
لماذا كل تلك التسريبات؟
تلميح كرره ترمب مراراً في تغريداته، وكان آخرها أمس الثلاثاء. إذ كتب على صفحته على تويتر "السؤال الأساس هو لماذا كل تلك التسريبات غير القانونية تخرج من واشنطن؟ وهل كانت ستحصل أيضاً إن كنت أعمل على ملف كوريا الشمالية؟"
Follow Donald J. Trump ✔@realDonaldTrump The real story here is why are there so many illegal leaks coming out of Washington? Will these leaks be happening as I deal on N.Korea etc?
ولعل السؤال حول التسريبات مشروع وقد طرحه عدد من المراقبين، لا سيما وأن ترمب لم يبدأ عمله الفعلي بعد لا بل قبل أن يبدأ حتى كرت سبحة التسريبات وبعض الأخبار المفبركة.
السي آي إيه والديمقراطيون والاصطفاف السياسي
يذكر أن فلين واجه اتهامات بإجرائه اتصالا هاتفيا، مع سفير روسيا لدى الولايات المتحدة، سيرغي كيسلياك، أوصاه فيه بعدم اتخاذ موسكو رد فعل على عقوبات فرضها أوباما، على اعتبار أن ترمب سيقوم بإلغائها.
وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال"، قد كشفت أن وكالة مكافحة التجسس في المؤسسات الأمنية الأميركية، أجرت تحقيقا في المكالمات التي أجراها فيلن مع السفير الروسي، في التاسع والعشرين من ديسمبر الماضي، أي يوم فرض الرئيس أوباما للعقوبات.
وأطاح التحقيق الذي أجرته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي)، وإنذارات وجّهتها وزارة العدل حول اتصالات مشبوهة لفلين بالسفير الروسي في واشنطن، ومخاوفها من تعرّضه لـ"ابتزاز روسي"، بفلين من منصبه مستشاراً للأمن القومي، ليصبح صاحب أقصر فترة في هذا المنصب في تاريخ الولايات المتحدة.
إلا أن فلين ذهب أيضاً على ما يبدو ضحية الاصطفاف السياسي في أميركا بين الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي، وموجة الانتقادات المقدمة من قبل الديمقراطيين ضد ترمب وعلاقته بروسيا ومصالحه المالية وغيرها.
فقد اعتبرت زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي أن "الشعب الأميركي يستحق أن يطّلع على المدى الكامل للقبضة المالية والشخصية والسياسية لروسيا على الرئيس ترمب، وماذا يعني ذلك بالنسبة إلى أمننا القومي". وأضافت أن على الكونغرس "الدعوة إلى لجنة من الحزبين، تكون مستقلة وخارجية، لإجراء تحقيق كامل في النفوذ الروسي على الإدارة وانتخابات الرئاسة".
زعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي
أما النائب الديمقراطي آدم شيف، أبرز عضو ديمقراطي في لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، فقال إنه يريد أن يعرف هل كان فلين يتصرّف نيابة عن ترمب في اتصاله بالسفير الروسي، أو هل وافق أي شخص في إدارته على اتصالاته مع موسكو. وشدد على أن استقالة مستشار الأمن القومي "لا تنهي تساؤلات حول اتصالاته مع الروس".
إذا إنها معركة ذات وجهين "خفية" استخباراتية ووراء الكواليس عبر التسريبات كما يبدو، وعلنية سياسية يرفع رايتها الديمقراطيين في العديد من المنابر.