المصدر / وكالات
جثث من هياكل عظمية وأطفال يهيمون على وجوههم بحثا عما يسد رمقهم. تلك هي الصورة المعبرة عن مضايا السورية التي يفرض عليها النظام السوري ومليشيا حزب الله اللبناني حصارا منذ سبعة شهور، في حين يقابل المجتمع الدولي كل ذلك بالصمت.
رغم تواتر الصور والتسجيلات والاتصالات التي تؤكد التراجع غير المسبوق في الأوضاع الإنسانية التي تمر بها مدينة مضايا بريف دمشق الغربي جراء الحصار الذي يفرضه حزب الله اللبناني والنظام السوري لمستوى يندى له الضمير الإنساني، فلم يظهر أي تحرك أو حتى ردة فعل من قبل الأمم المتحدة التي أشرفت مؤخرا على تطبيق هدنة بين المعارضة والنظام تشمل فك الحصار عن مضايا وتسهيل مرور الإغاثات إليها.
وارتفع عدد الوفيات في مضايا خلال الأيام الأخيرة إلى أكثر من ثلاثين شخصا جراء الجوع، في حين ينتظر عشرات الآلاف -تحولوا إلى هياكل عظمية- مصيرهم في ظل انعدام المواد الغذائية والدوائية بفعل الحصار المفروض على المدينة منذ سبعة شهور، ويحدث كل هذا بمرأى ومسمع من المجتمع الدولي دون حراك.
وتفاقمت معاناة سكان مضايا بسبب العواصف الثلجية التي هبت مؤخرا في ظل انعدام وسائل التدفئة وغياب التيار الكهربائي، وتم نقل عدد كبير من المسنين والأطفال إلى المراكز الطبية المحلية جراء حالات إغماء وإعياء.
وإزاء ذلك، حذر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية من كارثة إنسانية تهدد حياة المحاصرين جوعاً وبرداً في مدينتي مضايا وبقين بريف دمشق الغربي، ورأى أن صمت المنظمات الدولية يجعلها شريكة في جريمة حصار المدنيين.
وطالبت اللجنة القانونية للائتلاف -في بيان لها اليوم- الجامعة العربية والأمم المتحدة والمبعوث الأممي الخاص بسوريا بتحمل مسؤولياتهم تجاه المدنيين المحاصرين، والتحرك الفوري والعاجل لإنقاذ أرواح المدنيين الأبرياء وفك الحصار عنهم والدخول الفوري لقوافل المساعدات.
وأهابت اللجنة القانونية للائتلاف بجميع منظمات حقوق الإنسان الدولية التحرك والضغط على المجتمع الدولي وعلى حكوماتها للتحرك وإنقاذ المدنيين في مضايا وباقي المدن السورية المحاصرة عامة.
وكانت الأمم المتحدة أشرفت نهاية الشهر الماضي على تنفيذ هدنة الزبداني والفوعة، وكان من ضمن الاتفاق بند يطالب بفك الحصار عن مضايا التي تتبع إداريا مدينة الزبداني، وتابعت المنظمة الدولية عملية تبادل الجرحى بين المعارضة والنظام.
غير أن الأمم المتحدة لم تتابع مهامها بإتمام الاتفاق الذي كان من أبرز بنوده فك الحصار وإمداد المناطق التي كانت محاصرة بالغذاء والدواء.
يشار إلى أن مقر الأمم المتحدة في ريف دمشق لا يبعد عن مضايا سوى مسافة أقل من عشر دقائق بالسيارة.
وكشف مدير المشفى الميداني في الزبداني وعضو الهيئة الإغاثية الموحدة للزبداني ومضايا عامر برهان لمؤسسة إعلامية تتبع المعارضة السورية أن مكتب مسؤول ملف الزبداني في الأمم المتحدة جيفري فيلتمان رد على رسالة مكررة من المجلس المحلي في البلدة يستغيث المؤسسة الدولية من أجل إدخال المساعدات الغذائية إلى الأهالي المحاصرين، بأن كادر المكتب بأكمله في إجازة من تاريخ 24/12/2015 حتى 5/1/2016.
هذ ولم يدخر أهالي مضايا طريقة للمناشدة، ولم تحرك صور الأطفال وهم يتضورون جوعاً ومشاهد الموت البطيء وسط آلاف الأسر المحاصرة اهتماما دوليا يوقف هذه الكارثة.
وكان أهالي مضايا اضطروا مؤخرا إلى أكل لحوم القطط والكلاب وأكل الحشائش والبحث في مكبات النفايات، وذلك بسبب انعدام الطعام والأغذية في البلدة التي تضم نحو أربعين ألف مدني.
وبلغ سوء الأوضاع بمضايا في الأيام الأخيرة حدا لا تستسيغه الإنسانية، ويؤكد أطباء من المستشفى الميداني في مضايا تردي الأوضاع الصحية لأهالي المدينة، حيث وصلت للمستشفى ثلاثون حالة تسمم نتيجة أكل أوراق شجر الزيتون، وهي المادة الخضراء المتبقية في البلدة بعد تساقط الثلوج.
وتشير التقديرات إلى أن مضايا تشهد نحو مئتي حالة إغماء يومياَ بسبب سوء التغذية.
ولفت سكان في المدينة إلى أن أسعار المواد الغذائية -التي يقوم منتفعون يتبعون النظام أو حزب الله بتوفير كميات محدودة منها- وصلت لمستويات "صاروخية"، حيث بلغ سعر كيلوغرام من حليب الأطفال 150 دولارا أميركيا، وكيلوغرام من السكر أكثر من 153 دولارا.
ونقل عن سكان في مضايا أن مقاتلي حزب الله وضعوا تسعيرة للمبادلة على حواجزهم التي تطبق على مضايا، بحيث تتم مبادلة بندقية مقابل عشرة كيلوغرامات من الطعام، ودراجة نارية مقابل عشرة كيلوغرامات أخرى، وسيارة مقابل 15 كيلوغراما.