المصدر / القاهرة: غربة نيوز
أثار الاعتراف المرتقب للرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل الجدل بين اليهود الأمريكيين حول الحكمة وراء هذه الخطوة؛ ففى الوقت الذى وصفت فيه جماعة «جاى ستريت» الليبرالية اليهودية فى الشرق الأوسط الخطوة بأنها «غير مفيدة ودون فوائد ملموسة، وسيكون لها عواقب جسيمة»، وصف المدير التنفيذى لـ«الائتلاف اليهودى الجمهورى»، مات بروكس، القرار بأنه «موقف شجاع يعبر عن الالتزام بإصلاح وتعزيز العلاقات مع إسرائيل، أهم حليف لنا فى الشرق الأوسط». ونشر «الائتلاف»، أمس، إعلاناً يؤيد ويشكر ترامب على موقفه فى صفحة كاملة على صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، كما يعتزم نشر إعلان فى صفحة كاملة فى «نيويورك تايمز»، اليوم، يشكر فيه الرئيس على الوفاء بتعهد الحملة.
من جانبه، رفض عضو الكونجرس الديمقراطى، بيرنى ساندرز، اليهودى الديانة، المرشح السابق فى الانتخابات التمهيدية، قرار ترامب بتغيير موقف أمريكا السياسى من القضية، بشكل يقوِّض محاولات التوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقال «ساندرز» على «تويتر»: «هناك سبب جعل جميع الإدارات الأمريكية السابقة لم تتخذ هذا التحرك، بجانب تحذير القادة فى أنحاء العالم ترامب من ذلك، لأنه سيعرقل التوصل إلى اتفاق سلام وقد يضر بشدة، وربما لا يمكن إصلاحه بقدرتنا على الوساطة». واتخذت «الحركة اليهودية للإصلاح»، أكبر طائفة لليهود الأمريكيين، موقفاً مماثلاً. وقال الحاخام ريك جاكوبس، رئيس الاتحاد، فى بيان، إنه «فى الوقت الذى أؤمن فيه بأن القدس عاصمة للدولة اليهودية، يجب الاعتراف بأن يكون فى شكل اتفاق شامل». وأضاف أن «عملية نقل السفارة الأمريكية للقدس الغربية يجب أن تصاغ وتنفذ فى السياق الأوسع الذى يعكس وضع القدس كمدينة مقدسة لليهود والمسيحيين والمسلمين على حد سواء».
وقالت «نيويورك تايمز»، فى افتتاحيتها أمس، إن الفائز الأكبر من القرار الأمريكى هو رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، الذى لم تظهر حكومته المتشددة اهتماماً جدياً بالسلام أو بحل الدولتين الذى يمكن أن يحظى بدعم الفلسطينيين، مؤكدة أنه لا يمكن لأى زعيم فلسطينى قبول مثل هذه الخطة والاحتفاظ بدعم شعبى. ولفتت إلى شكوك بعض المحللين من جدية ترامب فى التوصل إلى اتفاق سلام. وأوضح المحللون أن تلك الجهود ربما تكون غطاءً سياسياً «حتى تستطيع إسرائيل والدول العربية السنية، وهم أعداء، أن يكثفوا تعاونهم ضد إيران». وأكدت الصحيفة أن القرار يغازل قاعدة ترامب الانتخابية من المتشددين الإنجيليين وغيرهم من المؤيدين لإسرائيل.
وذكرت الصحيفة فى تقرير آخر أن إقدام ترامب على اتخاذ مثل هذا الخطوة الخطيرة يؤكد فشل الوساطة بقيادة صهره جاريد كوشنر، لإحياء عملية السلام، وتقريب وجهات النظر بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وذكر مسؤولون للصحيفة أن «كوشنر» وجيسون جرينبلات، المبعوث الخاص للرئيس، أيَّدا قرار ترامب بنقل السفارة.
وأشارت وكالة «بلومبرج» الأمريكية إلى تصريحات مستشار الأمن القومى للبيت الأبيض، إتش. ماكماستر، مطلع الأسبوع الجارى، بأن نقل السفارة سيعطى دفعة قوية للتوصل لاتفاق.
ونقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الإسرائيلية، عن أحد المسؤولين فى البيت الأبيض، قوله إن «الاعتراف بالقدس المتوقع أن يغضب العالم العربى ويلقى بظلاله على جهود السلام الوليدة بقيادة الولايات المتحدة، سيرافقه التزام من ترامب بدعم حل الدولتين». ورأت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن إدارة ترامب ربما تراهن على البيئة المتغيرة فى الشرق الأوسط، مع انقسام المنطقة بسبب التنافس السعودى- الإيرانى وإقامة علاقات أوثق مع مجموعة من الدول العربية، بما فيها السعودية.
وأوضحت أن هذا الرهان «قد يثبت خطؤه». وقال شبلى تلحمى، خبير الشرق الأوسط بمؤسسة «بروكينجز» للصحيفة، إن «هذه الخطوة تتعارض مع الأولويات التى حددتها الإدارة لنفسها فى الشرق الأوسط، وهى مكافحة التطرف الإسلامى ومواجهة النفوذ الإيرانى»، مؤكداً أن القدس هى القضية المثالية لإيران والمسلحين الإسلاميين لاستخدامها لتعبئة الدعم ضد الولايات المتحدة ومن يؤيد سياستها. وذكرت صحيفة «إندبندنت» البريطانية أن قرار نقل السفارة الأمريكية يعد «قُبلة الموت» لعملية السلام.