المصدر / وكالات
وسط جدل محتدم في واشنطن بعد نشر مذكرة لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي تتهم مكتب التحقيقات الفيدرالي بتضليل محكمة أميركية لاستصدار أوامر مراقبة لأحد مستشاري الرئيس الأميركي، دونالد ترمب إبان الحملة الانتخابية، كارتر بيج، تثور تساؤلات عن تلك المحكمة ودورها في الحياة السياسة.
المحكمة التي تردد اسمها بقوة في المذكرة التي وافق ترمب على رفع ستار السرية عنها، الجمعة، هي محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية. ويشار إليها اختصاراً بالحروف الأولى من اسمها the Foreign Intelligence Surveillance Court، وتكتب FISC "فيسك".
مذكرة واشنطن لم توجه اتهامات مباشرة إلى المحكمة، ولكنها قالت إن مكتب التحقيقات الفيدرالي استصدر منها أوامر مراقبة دون تقديم المعلومات الكاملة المتصلة بالقضية، وهو ما يمس في النهاية أداء المحكمة ويشكك في دورها القانوني.
موقع سري
تأسست المحكمة، التي اتهمها ترمب ضمناً باستصدار أوامر للتجسس عليه بإيعاز من الرئيس السابق باراك أوباما، عام 1978 لتقرر بشأن الموافقة على عمليات مراقبة أو جمع معلومات أو طلبات حكومية لمراقبة الإرهابيين المشتبه بهم والجواسيس.
وتقع المحكمة في مقر يبعد عدة مبان عن البيت الأبيض والكابيتول (مقر الكونغرس الأميركي)، في منطقة آمنة ومنعزلة بعيداً عن أنظار العامة في شارع توجد به المحكمة الدستورية العليا، نقلاً عن موقع "سي إن إن" ووسائل إعلام أميركية أخرى.
ويتكتم المسؤولون عن الموقع الخاص بالمحكمة داخل مجمع يشبه المخابئ العسكرية المحصنة. والموقع الدقيق للمحكمة سري للغاية، وهي محكمة الإغلاق لمنع أي محاولة للتنصت عليها.
كيف تعمل المحكمة؟
يعمل بالمحكمة أحد عشر من قضاة المقاطعات الاتحادية على أساس التناوب، ويتولى كل قاض العمل لمدة أسبوع واحد بالتناوب، والحد الأقصى لفترة عمل أي قاض في المحكمة هو 7 سنوات.
وتقع سلطة تعيين القضاة في هذه المحكمة لدى شخص واحد هو كبير قضاة الولايات المتحدة، جون روبرتس. ولا يراجع الكونغرس قرارات تعيين القضاة في تلك المحكمة.
وتنوع القضاة في محكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية ضرورة، حيث يلزم اختيارهم من 7 دوائر قضائية أميركية على الأقل.
مواجهة عمليات التجسس
وبدأ عمل المحكمة عام 1978 بالتزامن مع سن قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية الذي يقنن عمليات "المراقبة الإلكترونية للحصول على معلومات استخباراتية أجنبية".
وفي ذلك الوقت، كانت الحرب الباردة على أوجها. والتجسس الأجنبي - وليس الإرهاب - هو مثار اهتمام وكالات الأمن القومي.
وجاءت المحكمة أيضاً عقب فضيحة "ووترغيت" في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، وبعد أن كشفت تلك الفضيحة كيفية استخدام الأمن القومي ذريعة للتجسس على المواطنين، مثلما حدث في تجسس مكتب التحقيقات الفيدرالي على القس مارتن لوثر كينغ الابن.
تحول إلى مكافحة الإرهاب
وبعد هجمات 11 سبتمبر على واشنطن ونيويورك، بدأت المحكمة في الموافقة على إصدار أوامر بجمع معلومات وبيانات على نطاق واسع، بعد أن منح التغيير في القوانين، المدعي العامي ومدير وكالة الأمن القومي سلطات أوسع لمراقبة إلكترونية شاملة، ما دامت متصلة بالإرهاب أو التجسس.
ووافقت المحكمة على جمع معلومات من قواعد بيانات تابعة لشركات اتصالات في سياق مكافحة الإرهاب.
انتهاك الخصوصية
وثار الجدل حول دور المحكمة بعد أن كشف العميل الاستخباراتي الأميركي المنشق، إدوارد سنودن، موافقتها على جمع معلومات شاملة من شركة "فيرزون" للاتصالات وشركات عملاقة مثل آبل وغوغل ومايكروسوفت، أخذا في الاعتبار مدى انتهاك الخصوصية المرافقة لتلك العمليات.
وأبرز الانتقادات الموجهة من قبل الرأي العام الأميركي للمحكمة أنها مغلقة أمام الجمهور، ولا تتلقى إلا طلبات من جانب الوكالات الحكومية، وغالباً ما تصادق عليها في النهاية.
والواقع أن المحكمة رفضت بعض طلبات المراقبة، وطلبت تعديل البعض الآخر، ولكنها أقرت الأغلبية الساحقة من طلبات المراقبة التي عرضت عليها.
وفي تقرير لوزارة العدل عن عام 2016، كشفت الوزارة عن تقديم 1457 طلبا للمحكمة عام 2015 للمراقبة الإلكترونية، مؤكدة أن المحكمة لم ترفض أي طلب منها رفضا باتاً.