المصدر / وكالات
زعمت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في تقرير اليوم الخميس ان قطر تعهدت للزعماء اليهود الأمريكيين بأنها ستمنع بث تحقيق صحافي حول "اللوبي الإسرائيلي في واشنطن" على قناة الجزيرة والذي صور سرا عام 2016، يأتي هذا التعهد كجزء من حملة دعائية لتحسين صورة قطر بين الجالية اليهودية في الولايات المتحدة. واعتمدت هآرتس في تقريرها على خمسة مصادر من منظمات يهودية ومنظمات موالية لإسرائيل في واشنطن ابلغوا هآرتس بان هذا الوعد منحته قطر في تشرين ثاني/نوفمبر الماضي، لكن ليس من الواضح لديهم ان كان ساري المفعول حتى اليوم.
في عام 2016 بعثت الجزيرة باحث للعمل لدى العديد من المنظمات الموالية لإسرائيل العاملة في واشنطن. الباحث الذي كان ناشطا مؤيدا للفلسطينيين نجح بالوصول بشكل كبير الى مكاتب عدة منظمات، وقام الباحث بتصوير العشرات من ساعات الفيديو داخل المكاتب، وفي حالات معينة استطاع الوصول الى قائمة أسماء المانحين في المنظمة. في المقابل نجح الباحث بلقاء العشرات من الناشطين الموالين لإسرائيل في العاصمة الامريكية، واستضاف في شقته موظفين صغار من السفارة الإسرائيلية، والذين صورهم بالسر وهم يتحدثون عن مواضيع مهنية. وفي كانون ثاني/يناير 2017 ترك الباحث بصورة فجائية واشنطن، واختفت آثاره.
وأعلنت الجزيرة في تشرين اول/أكتوبر عن نيتها عرض فيلم وثائقي من اربع حلقات يعتمد على عمل الباحث. ومن المتوقع ان يكون مشابها لفيلم "اللوبي الإسرائيلي في بريطانيا" والذي عرضته الشبكة العام الماضي، والذي أدى لاستقالة مستشار في السفارة الإسرائيلية بلندن، بعد ان تباهى حول قدرته لان يؤدي الى اقالة كبار المسؤولين في الحكومة البريطانية. لكن بعد الإعلان الذي نشرته الشبكة توقف النقاش بالموضوع حول الفيلم. وقالت هآرتس ان السبب لذلك لان الحكومة القطرية التي تسيطر على الجزيرة وعدت بمنع النشر.
وأفادت هآرتس انه في شهر آب/أغسطس، شهرين قبل اعلان الجزيرة عن التحقيق، استأجرت قطر خدمات المستشار السياسي نيك موزين، الموالي للحزب الجمهوري مقابل 50 الف دولار شهريا. موزين، يهودي متشدد (ارثوذكسي) عمل مستشارا كبيرا لنواب محافظين مثل تد كروز وتيم سكوت. واستأجرت قطر خدماته لتحسين صورتها ومكانتها داخل الجالية اليهودية، جاء ذلك على خلفية الحصار الذي فرضته السعودية وباقي دول الخليج على قطر.
وبدأ موزين تنظيم الاجتماعات ببن المنظمات اليهودية الامريكية، خصوصا من اليمين ومع قادة قطر. جزء من هذه الاجتماعات عقدت في نيويورك خلال زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد للأمم المتحدة، وجزء آخر عقد في الدوحة، عاصمة قطر، والتي زارها زعماء منظمات يمين يهودية- أمريكية مؤيدة لإسرائيل وللاستيطان. وخلال الاجتماعات نفى القطريون دعمهم لحماس ومنظمات مماثلة أخرى، وقالوا انهم يعملون بتنسيق كامل مع إسرائيل بكل ما يتعلق بإعادة الاعمار في قطاع غزة.
خلال الاجتماعات عرض الزعماء اليهود على القطريين انتقادات وادعاءات حول تغطية قناة الجزيرة لإسرائيل. وبعد ان أعلنت الجزيرة في تشرين ثاني/أكتوبر 2017 نيتها عرض فيلم "اللوبي الإسرائيلي في واشنطن"، زادت حدة الانتقادات حول قناة الجزيرة من قبل المنظمات اليهودية، واتهمت الشبكة القطرية الاخبارية بمعاداة السامية وإدارة "عملية تجسس" على الأراضي الامريكية.
وتوجه نوح فولك، مستشار لعدد من المنظمات الموالية لإسرائيل الى موزين وقال له ان الجهود القطرية لتحسين صورتها امام الجالية اليهودية الامريكية من الممكن ان تنزل الى الحضيض ان قامت الجزيرة بعرض الفيلم. ونقل موزين الرسالة الى قطر، وهي بدورها ردت بانها منعت عرض الفيلم. التعهد القطري لم يكن خطيا.
ومنذ ذلك الحين بدأت الحملة الدعائية القطرية بين الجالية اليهودية تنجح، ومن بين الأمور التي تدل على ذلك، زيارة المحامي ايلن درشوفيتس ورئيس "منظمة صهاينة أمريكا" مورطون كلاين الدوحة، وكان الاثنان طالبا قبل نصف عام بمنع شركة الطيران القطرية "قطر ايرويز" من الهبوط في المطارات الامريكية بسبب دعم قطر لحركة حماس. في المقابل قام القطريون بمضاعفة معاش موزين الشهري من 50 الف دولار الى 300 الف دولار شهريا.
وقالت هآرتس ان التعهد القطري بمنع عرض الفيلم استمر أربعة اشهر، لكن الجمعة الماضية وصلت لمكاتب عدة تنظيمات موالية لإسرائيل في واشنطن رسائل من قناة الجزيرة تمنحهم ثلاثة أسابيع للرد على الادعاءات ضدهم في التحقيق. هذه الرسائل تسببت في حالة من البلبلة لدى هذه التنظيمات، حيث ان العديد منهم علموا بالوعد القطري السري بمنع البث. وتساءلت هذه المنظمات ان كذب القطريون او أن مسؤولون في الجزيرة يعملون بشكل مستقل بدون موافقة الحكومة القطرية. موزين ادعى ان هذا سوء فهم وان القطريين لا زالوا ملتزمين بمنع البث.
وخلال زيارة وزير الخارجية القطري محمد آل ثاني الأسبوع الماضي الى واشنطن، وجهت هآرتس له سؤالا مباشرا حول ادعاءات المنظمات اليهودية حول قناة الجزيرة، وأجاب :"دستور قطر ينص على ان الحكومة يجب ان لا تتدخل بالاعلام...وان كانت هناك ادعاءات لاحد ضد الجزيرة ، عليه التوجه الى الجهات التي تتعامل مع القوانين والانظمة الاعلامية وليس لقطر".
وأشار آل ثاني في حديثه بحسب هآرتس الى أن :"الجزيرة عرضت العام الماضي التحقيق عن اللوبي الإسرائيلي في بريطانيا، منظمات يهودية توجهت الى وكالة الأنظمة الإعلامية في بريطانيا، واتهموا الجزيرة بمعاداة السامية، لكن الشكاوي رفضت حتى النهاية، والأنظمة البريطانية حسمت قرارها وقالت ان تحقيق الجزيرة كان مهنيا".