المصدر / القاهرة:غربة نيوز
اعتبرت صحيفة " نيويورك تايمز" الأمريكية أن اشتباك إسرائيل عبر الحدود مع القوات الإيرانية والسورية، السبت الماضي، تصعيد حاد في الأعمال القتالية التي طال أمدها على طول حدودها الشمالية، وبمثابة تنبيه لأولئك الذين ركزوا على مناطق أخرى من الحرب الأهلية السورية وعلى جوانب أخرى من الاستراتيجية الإيرانية أو الذين آمنوا أن تفوق إسرائيل الجوي لا يُقهر.
وأسقطت إسرائيل ما قالت إنها طائرة دون طيران إيرانية كانت قد اخترقت مجالها الجوي، ثم هاجمت ما أسمته بمركز القيادة والتحكم في سوريا الذي أطلقت منه إيران الطائرة دون طيار، وتحطمت الطائرة الإسرائيلية من طراز إف 16، خلال عودتها بعد تعرضها لنيران سورية شديدة مضادة للطائرات، لتكون بذلك أول طائرة إسرائيلية أسقطت بنيران العدو منذ عقود، وعليه، ردت إسرائيل بضربات ضد ثمانية أهداف سورية وأربعة إيرانية في الأراضي السورية.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: "لقد وجهنا ضربات قاسية إلى القوات الإيرانية والسورية. لقد أوضحنا بشكل لا لبس فيه للجميع أن قواعد عملنا لم تتغير، وسنواصل ضرب كل محاولة لضربنا".
لكن الاستراتيجيين والمحللين العسكريين في إسرائيل لم يروا الأمور بكل هذه البساطة، وقدمت الصحيفة 5 دروس مستفادة من هذه الواقعة:
مجرد بداية
أوضحت الصحيفة أنه مع اقتراب انتهاء الحرب الأهلية السورية يظهر نزاع جديد بين إيران (التي يبدو أنها تريد قاعدة سورية دائمة تهدد إسرائيل) وتل أبيب (التي عقدت العزم على منع هذا) وحكومة الرئيس بشار الأسد من سوريا (التي أظهرت ثقة متجددة في إطلاق النار على الطائرات الحربية الإسرائيلية).
ومن جانبه، قال عوفر زالزبرغ، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية "سنشهد المزيد من الاحتكاك بين الطرفين، نظرا لأننا نشهد أكثر فأكثر أن الأسد يسيطر على المعارضين السوريين".
وبحسب الصحيفة لا يتوقع أن يتراجع أي من الجانبين، وتعتقد إسرائيل أنه من الضرورى وقف إيران أو حزب الله أو الميليشيات الشيعية الأخرى من تهديدها بصواريخ دقيقة من زوايا بعيدة من سوريا أو بالمدفعية والقوات من مرتفعات الجولان المتنازع عليها.
وأوضح جيورا إيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي أن إيران لا تريد أن يتحول استثمارها في إنقاذ الأسد إلى لا شيء وأن تعيد قواتها إلى بلادها، مضيفا: "إذا عادت إيران إلى قواعدها فإن الأسد سيحصل على ما يريد وكذلك الروس، ولكن ماذا عنهم؟".
إسرائيل وحدها لا يمكنها وقف إيران في سوريا
وذكر إيلاند أن إسرائيل أوقفت الدول المجاورة عن بناء منشآت نووية ولكنها لم تحاول أبدا وقف واحدة عن بناء قوة تقليدية، مرجحا فشل تل أبيب وحدها في هذا، حتى وإن تمكنت من إبطاء جهود إيران، مؤكدا أن إسرائيل يمكنها معاقبة الأسد على تعزيز تواجد إيران.
وقال إيلاند: "لقد دمرنا بعض الأهداف السورية، وهذا قد يخلق بعض التوتر بين بشار الأسد والإيرانيين. الأسد غير مهتم بالوجود الإيراني، ولا يمكنه القول لا لهذا، لكنه إذ دفع ونظامه ثمنا أكثر فربما يستطيع أن يطلب من إيران التوقف أو طلب المساعدة من روسيا.
وشدد إيلاند على أنه مع تطلع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إعادة فتح الاتفاق النووي مع إيران، يمكن لإسرائيل أن تضع شواغلها الأمنية في التفاوض الجديد، مضيفا: "الأمريكيون والأوروبيون يريدون منع الصواريخ الإيرانية البعيدة المدى من الوصول إلى أوروبا. لكن من وجهة النظر الإسرائيلية فإن إيران لديها بالفعل صواريخ يمكن أن تغطي إسرائيل، وهذا أقل أهمية بكثير من وجود إيران في سوريا".
واشنطن تركز على أماكن أخرى
وأشارت الصحيفة إلى أن واشنطن، الحليف الأهم في إسرائيل، ركزت على هزيمة داعش في وسط وشرق سوريا، وليس على أهم مخاوف إسرائيل في الصراع، وقال زلزبرغ إن إدارة ترامب أعربت السبت عن تأييدها لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها لكنها لم تقدم أي مساعدة في التعامل مع طهران وحلفائها والنظام السوري، مضيفا: "الإسرائيليون لاحظوا ذلك".
وعلى الصعيد نفسه، قال دانييل شابيرو، السفير السابق لدى إسرائيل خلال إدارة أوباما، إن عمل يوم السبت يجب أن يدفع الولايات المتحدة إلى البدء فى تنسيق السياسة والإستراتيجية والرسائل مع نتنياهو.
وفي مقال نشرته صحيفة "هاآرتس" الأحد، أشار شابيرو إلى أنه كان من الغريب عدم ظهور إسرائيل على خطر سير وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، الذي من المتوقع أن يزور الأردن وتركيا ومصر والكويت ولبنان، مشددا على أنه بعد الغارة الإيرانية سيكون من سوء التقدير عدم زيارة إسرائيل.
وفي السياق ذاته، قال تشاغى تزورييل مدير عام المخابرات الإسرائيلية إن الولايات المتحدة بحاجة إلى الانتباه لتحذيرات إسرائيل المتعلقة بنوايا إيران في سوريا، وأردف قائلا: "إذا كنت ملتزما بمكافحة إيران في المنطقة، فعليك أن تفعل ذلك في سوريا أولا"، مؤكدا أنه لن ييأس من الولايات المتحدة.
لا يمكن لروسيا أن تبقى محايدة لفترة طويلة
ومن جانبهم، لفت استراتيجيون إسرائيليون إلى لعب روسيا بخبرة في سوريا حتى الآن، منوهين إلى تعاون موسكو مع إيران لمساعدة نظام الأسد، وتواصولها الوثيق مع إسرائيل، ما سمح للأخيرة بالعمل العسكري ضد الإثنين، لكنهم شددوا على أن تكثيف الصراع قد يجعل من الصعب على روسيا الاحتفاظ بعدم التحيز.
وقال تسوريل، مسؤول المخابرات الإسرائيلية: "أعتقد أن الروس يدركون أن وجود الميليشيات العسكرية والشيعية الإيرانية في سوريا لديه القدرة على تدمير جميع مكاسبهم. إنهم لا يريدون ذلك".
وأوضح زلزبرغ أن "الأسد يعلم أن روسيا طورت قدرات مضادات الطائرات في سوريا التي لم تنشر لحمايته، وتعلم إسرائيل أن روسيا تسيطر بشكل صارم على المجال الجوي السوري، لكنها لم تبلغ إسرائيل بالطائرة بدون طيار"، مشددا على أنه سيتعين على روسيا اتخاذ قرار بالانحياز إلى جانب على حساب الآخر.
كذب ادعاء "الطائرات الإسرائيلية لا تقهر"
بحسب التقرير، كان هناك الكثير من التحمس فى الصحف الإسرائيلية حول أكبر مفاجأة يوم السبت وهى إسقاط طائرة إسرائيلية من طراز "إف 16 قد"، أول خسارة معروفة منذ عام 1982.
وقال ألون بن ديفيد في صحيفة معاريف، إن الإسرائيليين "اعتادوا على عدم تمكن أي شخص في المنطقة من تهديد طائراتنا. رجال الأسد سيحاولون جاهدين تحقيق المزيد من الإنجازات".
وذكر أموس يادلين، قائد سابق للقوات الجوية الإسرائيلية يقود معهد دراسات الأمن القومى فى تل أبيب، أنه "من الأهمية معرفة سبب سقوط طائرة ذات قدرات متقدمة من قبل صاروخ من الجيل القديم".
لكن يادلين، الذي كتب في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكد تضليل الاحتفالات في دمشق، وأن تل أبيب أظهرت تفوق المخابرات في ضرب القوات الإيرانية، وتفوق جوي في تدمير منشآت الدفاع الجوي السورية. وقال "هناك شكوك ومفاجآت وأخطاء في كل معركة تأتي بتكلفة".