المصدر / وكالات
أعلن المئات من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين وفق "قانون الاعتقال الإداري" بدء مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال، وذلك في خطوة تهدف لنزع الشرعية عن القضاء الإسرائيلي الذي اعتبروه أداة في يد جهاز المخابرات (شاباك).
وقرر نحو خمسمئة أسير فلسطيني الدخول في "إجراءات نضالية" ضد المحاكم العسكرية الإسرائيلية التي قالوا إنها تنعقد صوريا ولا يتاح فيها للأسير أو محاميه الاطلاع على لائحة اتهامه، ويسمى فقط بأنه "خطير على أمن الدولة".
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين عيسى قراقع -بمؤتمر صحفي في رام الله أمس- إن الشاباك هو من يوعز بتثبيت أحكام الإداريين "لاعتبارات تتعلق بأمن الدولة" مما يحول المحاكم التي تنعقد للنظر في ملفاتهم إلى مجرد جلسات صورية.
وقال بيان للأسرى نقله قراقع إن نحو خمسمئة معتقل في كافة سجون الاحتلال قرروا ابتداء من منتصف فبراير/شباط الجاري مقاطعة شاملة لكافة المحاكم التي تعقد للأسرى الإداريين بدون سقف زمني.
ويعتبر الأسرى "الجهاز القضائي الإسرائيلي أداة لتجميل وجه الاستعمار البشع". ومنذ انتفاضة الفلسطينيين الأولى عام 1987 صعّدت إسرائيل من سياسة الاعتقال الإداري، وواكب ذلك تبعية مطلقة من القضاء لجهاز المخابرات الإسرائيلية، وفق بيان الأسرى.
ويُعرّف الاعتقال الإداري بأنه إجراء يحتجز بموجبه الأسير دون تهمة ووفق "ملف سري" ويحكم عليه بمدة اعتقال محددة قابلة للتجديد قبيل انتهائها، وقد يحدث هذا لمدة شهور طويلة أو سنوات عديدة بدون موعد إفراج.
ويعود الاعتقال الإداري إلى فترة الانتداب البريطاني قبل ثمانية عقود، وتشترط القوانين الدولية استخدامه في ظروف استثنائية. لكن إسرائيل تدعي أنها تخضعه لرقابة قضائية. لذا ينظر الأسرى إلى "الجهاز القضائي الإسرائيلي كمنفذ آمن لتشريع سياسات الاحتلال بحقهم" كما جاء في بيانهم.
وقال الأسرى في بيانهم "لن ندعهم يثبتون الأكاذيب بشأن التزامهم بـ القانون الدولي ووجود رقابة قضائية مستقلة على محاكمتنا".
ويأتي إعلان الأسرى بعد مقاطعة جزئية للمحاكم في السنوات الأخيرة، إضافة إلى إضراب جماعي عن الطعام عام 2014 استمر شهرين، إلى جانب إضرابات فردية خاضها عشرات الأسرى لوقف اعتقالهم الإداري.
وبالتوازي مع مقاطعة المحاكم الإسرائيلية، أوعزت هيئة الأسرى لنقابة المحامين الفلسطينيين بالامتناع عن مثول أعضائها أمام محاكم الأسرى الإداريين.
ومنذ نهاية عام 2015 حيث شهدت الأراضي المحتلة موجة تصعيد بعد سلسلة هجمات فلسطينية على أهداف إسرائيلية، أصدر الاحتلال نحو 3500 أمر اعتقال إداري. ووفق وزير الأسرى فإن 1% من هذه المحاكم فقط ألغيت فيها أوامر الاعتقال والباقي تم تثبيتها.
وخلال 2017 حوّل الاحتلال الإسرائيلي 11 طفلا فلسطينيا للاعتقال الإداري. ومن بين المعتقلين الإداريين سبعة من نواب المجلس التشريعي الأسرى في سجون الاحتلال.
ولا يزال الأسير المسن رزق الرجوب من الخليل يخوض إضرابا عن الطعام بسبب تجديد اعتقاله الإداري دون تهمة بعد رفضه الإبعاد إلى السودان.
ويروي رئيس بلدية البيرة السابق جمال الطويل تجربته بالاعتقال المتكرر منذ عام 1994، غالبيتها وفق "الاعتقال الإداري" دون تهمة. وتواجه ابنته الصحفية بشرى حاليا حكما بالاعتقال الإداري لأربعة شهور قابلة للتجديد.
وقال الطويل إن الاعتقال الإداري يستهدف معنويات الأسير واستقرار عائلته التي تعيش حالة ترقب دائم، فكلما انتهت فترة اعتقال تلقى أمرا جديدا بالتمديد، وهكذا حتى تقرر مخابرات الاحتلال الإفراج عنه. واعتبر الاستمرار في المثول أمام محاكم الاعتقال الإداري "مشاركة في إضفاء شرعية عليها".
أما وزير شؤون الأسرى السابق والقيادي بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وصفي قبها، فصرح بأن خطوة الأسرى تأتي لسحب الذرائع من الاحتلال وفضح "العدالة الزائفة التي يدعونها لقضائهم".
ودعا قبها -الذي أفرج عنه قبل أيام من سجون الاحتلال- إلى إستراتيجية وطنية لمؤازرة الأسرى من كل الفصائل والمؤسسات الرسمية والحقوقية المحلية والدولية.
وقد دعت مؤسسات حقوقية وفصائل فلسطينية السلطةَ الفلسطينية إلى تقديم ملف الاعتقال الإداري إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في بيان إن سياسة الاعتقال الإداري مخالفة لنصوص اتفاقية جنيف الرابعة، كما أن استخدامه على نطاق واسع وبشكل ممنهج يعتبر ضربا من ضروب التعذيب وانتهاكا جسيما بموجب المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، ويرقى لاعتباره أيضا جريمة ضد الإنسانية بموجب ميثاق روما الأساسي.