المصدر / وكالات - هيا
خلال منتصف القرن الثامن عشر، عاشت بريطانيا على وقع ارتفاع هائل في عدد جرائم القتل. وأمام هذا الوضع السيئ، قرر البرلمان البريطاني التدخل عن طريق إرساء قانون جديد للحد من مستوى هذا النوع من الجرائم. في الأثناء، مثّل الترهيب أفضل حل للبرلمان البريطاني الذي أمر بإرساء قانون مرعب حمل اسم قانون جرائم القتل لسنة 1751 ومن خلاله جعل أعضاء البرلمان أحكام الإعدام أكثر فظاعة.
وبناء على ذلك القانون الجديد، أضاف البرلمان البريطاني مزيداً من التعاسة على الأيام الأخيرة من حياة المحكوم بالإعدام، كما أباح للسلطات المسؤولة حرية التصرف في جثة المتهم بعد تنفيذ حكم الإعدام في حقه بهدف جعله عبرة لغيره.
رسم تخيلي لإحدى جرائم القتل ببريطانيا سنة 1751
وخلال تلك الفترة، سمحت معظم الدول الأوروبية للمحكومين بالإعدام بالحصول على الوجبة الأخيرة عن طريق منحهم ما يشاؤون من الأطعمة كالخمور واللحم، كما أمكن للمتهم في بعض المناطق الحصول على وجبة طعام أخيرة شبيهة بتلك التي تقدم للملوك. في بريطانيا وعلى إثر إقرار قانون جرائم القتل لسنة 1751، حرم المحكوم بالإعدام من وجبته الأخيرة وفي المقابل أرسى البرلمان نظاماً غذائياً تعيساً يقوم على منح المجرم كميات من الخبز والماء فقط طيلة الأيام التي تسبق تنفيذ حكم الإعدام.
وأثناء القرن السادس عشر، حرّمت الكنيسة المساس بجثث الموتى معتبرة إياها شيئاً مقدساً يستوجب دفنه بأفضل الطرق. ووقتها لم يتردد العالم الموسوعي الإيطالي ليوناردو دا فينشي في التسلل إلى مستشفى مدينة فلورنسا ليلاً لممارسة بعض عمليات التشريح على جثث المحكومين بالإعدام في سعي منه لفهم تركيبة جسم الإنسان. وبسبب هذه الحادثة اتهم العالم الموسوعي الإيطالي بممارسة السحر وكاد يواجه عقوبة الإعدام حرقاً.
رسم تخيلي لعملية تعليق جثة أحد المجرمين ببريطانيا
أما في بريطانيا، ففي منتصف القرن السابع عشر كان الأمر مختلفاً تماماً، فبناء على قانون جرائم القتل لسنة 1751 سمح البرلمان البريطاني باستخدام جثث المحكومين بالإعدام لأغراض علمية وممارسة عمليات تشريح علنية عليها من أجل تحديد مكونات جسم الإنسان وفهم كيفية نشاط الأعضاء.
وبالتزامن مع ذلك، أمهل القرار البرلماني الجديد الجلّادين يومين فقط لتنفيذ أحكام الإعدام عقب صدورها، كما سمح في بعض الأحيان بتعليق جثث المجرمين في الساحات والطرقات أياما عديدة عن طريق ربط أحزمة حديدية حولها لجعلها شبيهة بالبراميل في سعي منه لترهيب الناس من مغبة اقتراف جرائم القتل.
لم يستثن قانون جرائم القتل لسنة 1751 عائلات وأصدقاء المجرمين، ففي حال حاول أحدهم مساعدة المحكوم بالإعدام عن طريق تهريبه أو منحه بعض الطعام، يتعرض الأخير للمحاكمة وقد يصدر في حقه حكم بالإعدام أو النفي نحو المستعمرات البريطانية بالقارة الأميركية.
وبفضل قانون جرائم القتل لسنة 1751، تراجعت نسبة جرائم القتل في بريطانيا بشكل واضح. فضلاً عن ذلك حقق مجال الطب قفزة بفضل تجارب عمليات التشريح العلنية على جثث المجرمين والتي ساهمت في فك الغموض حول العديد من أعضاء جسم الإنسان ووظائفها. وفي حدود سنة 1837، وافق البرلمان البريطاني على تعديل هذا القانون ليتم تخفيف أحكام الإعدام في أغلب الأحيان وتعويضها بالنفي نحو المستعمرات، ومع حلول سنة 1973 تم إنهاء العمل بهذا القانون بشكل رسمي.