المصدر / وكالات - هيا
علقت فايننشال تايمز على الاختفاء/الموت المحتمل للصحفي السعودي جمال خاشقجي بأنه مأساة وغموض، كما أنه ضربة مؤلمة للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
وأشار الكاتب غيديون راشمان في مقاله بالصحيفة البريطانية إلى أن إدارة ترامب كان لديها إستراتيجية في المنطقة ركزت على السعودية وعلى "الشخصية الزئبقية" لولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي كان من المفترض أنه الرجل الذي سيحشد تحالفا ضد إيران ويصنع السلام مع إسرائيل ويواجه المؤسسة الدينية في بلده ويساعد في سحق تنظيم الدولة بالداخل والخارج.
وحسب روايته هو كان سيحرر المجتمع السعودي ويحول الاقتصاد بتقديم صفقات مغرية لشركات أميركية في هذه العملية.
وألمح الكاتب إلى ما تردد من بعض المراقبين عن خطورة محمد بن سلمان وأدلتهم المقلقة على ذلك، كما في حرب اليمن المتصاعدة التي أفرزت كارثة إنسانية، والعداء الشديد مع الجارة قطر وحصارها، وغيرها من الحوادث، وأنه برغم كل هذا بقيت الحكمة التقليدية عن ولي عهد السعودية في وزارات الخارجية الغربية أنه كان في الأساس "شيئا جيدا" وإن كان متهورا بعض الشيء.
لكن القتل الظاهر لخاشقجي -كما أردف الكاتب- قد أدى بالفعل إلى تغيير المواقف الغربية تجاه محمد بن سلمان، وعلى الرغم من كل الحزلقة التي تلاعب بها مع صانعي الرأي في الولايات المتحدة وأوروبا فقد فشل ولي العهد بوضوح في فهم التأثير المحتمل لعمل بهذه الوحشية والوقاحة.
السياسة الواقعية
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة ستضطر إلى التخلص من أوهامها حول محمد بن سلمان، فإنها قد لا تغير سياساتها نهاية المطاف كل هذا القدر. والمسؤولون الغربيون يدركون جيدا الأهمية الاقتصادية والإستراتيجية للسعودية كأكبر مصدر للنفط وأكبر مستورد للأسلحة في العالم.
وأضاف الكاتب: بدون وجود علاقة جيدة مع الرياض فإن تأثير واشنطن بالشرق الأوسط سيضمحل أكثر. وعلى عكس الولايات المتحدة يمكن للروس الآن أن يتباهوا بعلاقة قوية مع جميع القوى الإقليمية الرئيسية، بما في ذلك إيران والسعودية وإسرائيل ومصر وتركيا. كما أن تدخل روسيا العسكري في الصراع السوري يعني أيضاً أن أنها تلعب الآن دوراً أكثر نشاطاً من واشنطن في محادثات السلام السورية التي يمكن أن تشكل توازن القوى بالمنطقة.
ومضى يقول: إذا استمرت الولايات المتحدة الآن في التهديد بالعقاب "الشديد" للسعودية فإنها ستنفر أيضا دول الخليج ويمكن أن تتركها دون أي حلفاء مقربين في المنطقة، باستثناء إسرائيل. ولهذا السبب من المرجح أن تبذل إدارة ترامب قصارى جهدها للحد من التداعيات الدبلوماسية لقضية خاشقجي وسيتدخل الكونغرس بحذر.
وختمت الصحيفة: نظرا للحقائق المروعة بالسياسة الواقعية فمن الصعب لومهم على ذلك، لكن يجب التخلي عن فكرة أن الولايات المتحدة قادرة على بناء إستراتيجية كبيرة حول شخصية محمد بن سلمان "المجنونة" وكذلك اعتبار "عدم وضع الثقة في الأمراء" كان دائما نصيحة سليمة.