المصدر / وكالات - هيا
يتوقع مركز ستراتفور الأميركي أن ثمة احتمالا ضئيلا أن تتمخض انتخابات الرئاسة في الجزائر، المزمع عقدها في 18 أبريل/نيسان المقبل، عن تغيير دائم في البلاد.
ويرى المركز المتخصص في الدراسات الإستراتيجية والأمنية أن اقتصادا ضعيفا ونظاما سياسيا يبدو عاجزا أو غير راغب في تقوية نفسه من الأسباب التي قوت موجة التأييد للمعارضة، وعززت احتمال أن تشهد الانتخابات الرئاسية إقبالا غير مسبوق.
ويؤكد أن الانتخابات المقبلة تمثل مجرد البداية لعهد جديد في السياسة الجزائرية.
انطوائية سياسية
وتتمتع الجزائر باحتياطيات في موارد الطاقة ظلت تتدفق باستمرار إلى جنوب أوروبا في شكل صادرات طيلة عقود مضت.
وتحظى كذلك بميزة جغرافية كونها تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط على امتداد آلاف الأميال.
ورغم امتلاكها لكل المقومات التي تجعل منها قوة كبيرة مقارنة بجاراتها -وفقا لستراتفور- فإن الجزائر ظلت منطوية على نفسها وآثرت الاضطلاع بدور ثانوي في الشؤون الإقليمية سواء كان ذلك فيما يتعلق بالصحراء الغربية أو منطقة البحر الأبيض المتوسط أو دول الجوار أو العالم العربي.
ويزعم المركز أن هذا الموقف "الانعزالي" متأصل في تاريخ جزائر ما بعد الاستعمار "المتقلب". فقد كان للإرث الذي تركه الاستعمار الفرنسي بتحكمه في وسائل الإنتاج أثره في قوانين الاستثمار في قطاعي النفط والغاز الطبيعي التي سُنت بعد الاستقلال لتأمين قبضة الجزائريين على احتياطيات هذين الموردين.
وكان نتاج ذلك -كما يدعي ستراتفور- أن أنشأت الجزائر اقتصادا خاضعا لهيمنة الدولة يرفض أي تدخل أجنبي في شؤونها.
ويوصف النظام الجزائري كثيرا بأنه لا يكِن ودا للاستثمارات الأجنبية. كما أن تاريخ الجزائر السياسي -الذي يصفه المركز بالعنيف- كان له هو الآخر دور في شكل حكومتها اليوم.
الوضع السياسي الراهن
ويقول المركز إن الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة ساهم -إثر توليه السلطة عام 1999- في توجيه بلاده بعيدا عن "عقد دموي"، لكن بعد عقدين آخرين أُصيب بوتفليقة (81 عاما) بأزمة قلبية في عام 2013.
غير أن تقدمه في العمر نال من الثقة في قدرته على إدارة البلاد، حيث يعتبر عدد متزايد من الجزائريين رئيسهم أنه مريض جدا وطاعن في السن.
ويمضي المقال إلى القول إن البيان الصادر عن بوتفليقة بخصوص ترشحه للمرة الخامسة والذي يعكس اعتقاده بأن إعادة انتخابه تضمن أن "الاستمرارية هي (الخيار) الأفضل للجزائر".
وكشأن معظم البيانات الأخرى المنسوبة إليه، جاء تقديم البيان الأخير عبر وكيل عنه مما زاد من إحباط شعبه. وتحدو "السياسيين أصحاب المصلحة" الرغبة في فوز بوتفليقة في أبريل/نيسان.
ترشح بوتفليقة يثير جدلا واسعا بالجزائر والجيش يكسر صمته (الجزيرة)
وأعرب قائد الجيش الجزائري الجنرال قايد صالح عن دعم القوات المسلحة لبوتفليقة. وبحسب ستراتفور، هناك تكهنات بأن صالح يعمل على حشد الدعم السياسي لنفسه في مواجهة خصومه المحتملين في المستقبل من أمثال سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس، لكن رغم ذلك فإن أفعاله تصب في مصلحة المرشح الرئاسي الحالي.
اقتصاد مشلول
عانى الاقتصاد الجزائري -المدعوم من الدولة الذي يعتمد اعتمادا كبيرا على عائدات الطاقة- من تباطؤ بحلول عام 2014 مع تراجع أسعار النفط والغاز الطبيعي وانخفاض واردات جنوب أوروبا من الطاقة.
وقد ساهمت تلك العوامل -طبقا لستراتفور- في جملة من التحديات واجهت القوى العاملة الجزائرية، التي تعاني أصلا من مصاعب في الحصول على فرص للتعليم والتوظيف بسبب اتساع رقعة البلاد الجغرافية.
ولم تنفذ الحكومة حتى الآن أي إصلاحات طويلة الأجل، واكتفت بمحاولة وضع حلول قصيرة الأمد مثل طباعة مزيدا من النقود لمعالجة الديون المتفاقمة.
ويخلص المركز إلى القول إنه ولأول مرة خلال عشرين عاما، يكون هناك "مسار -رغم ضيقه- لفوز مرشح من المعارضة بالانتخابات في الجزائر" خاصة مع استمرار الاحتجاجات في الشوارع.
وإذا تحقق مثل هذا الاحتمال -يضيف المركز- فإن رئيسا جديدا للبلاد قد يشرع في الانفتاح على العالم، والتعاون بتحضير مسبق مع نظرائه في المنطقة كالمغرب ومصر.
ومن شأن الانتقال السياسي أن يمهد السبيل لأساليب جديدة نحو إصلاح هيكلي للاقتصاد وتبني نهج واقعي لتعديل قوانين الاستثمار الأجنبي.
ويختم موقع ستراتفور مقاله بالقول إنه بغض النظر عمن سيفوز، فإن الانتخابات القادمة ستكشف عن مدى عمق الخيبة التي تكتنف الجزائر إزاء حكومة لا تستجيب لاحتياجات مواطنيها.
المصدر : الصحافة الأميركية