المصدر / وكالات - هيا
تباينت آراء المحللين والمراقبين للشأن الإيراني حول عواقب إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية عالمية.
وهناك من يرى أن نذر الحرب تتصاعد واحتمال تحرك واشنطن لإسقاط النظام الإيراني بينما يعتقد آخرون أنها خطوة نحو تكثيف الضغوط لإرضاخ نظام طهران لتغيير سلوكه العدواني في المنطقة والعالم.
وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد أدرج قوات الحرس الثوري الإيراني، الاثنين الماضي ضمن قائمة التنظيمات الأجنبية الإرهابية، محذرًا من أي تعامل تجاري مع هذه القوات التي تسيطر على الاقتصاد الإيراني.
ردود الأفعال
وفي أول ردة فعل له، اعتبر المرشد الإيراني علي خامنئي، أن الخطوة الأميركية "لن تجني شيئا و"سترتد عليها"، عازيا سبب تصنيف أميركا للحرس الثوري كمنظمة ارهابية "لدوره في حفظ النظام داخليا أمام الانتفاضات الشعبية ودوره في التدخلات الإقليمية وكذلك دوره في السياسة الخارجية".
أما قائد الحرس محمد علي جعفري، فوصف على القرار الأميركي، بأنه "مضحك" قائلا إن "الحرس الثوري سيصبح أقوى في النظامين الدفاعي والهجومي خلال العام المقبل".
من جهتها قالت قيادة الأركان الإيرانية، في بيان إن "القوات المسلحة الإيرانية ستتعامل مع القوات التابعة للقيادة المركزية الأميركية على أنها إرهابية وستدعم إجراءات الحرس الثوري".
تهديد بقتل الجنود الأميركيين
هذا بينما طالب نواب وسياسيون متشددون بقتل الجنود الأميركيين واستهداف القواعد الأميركية في المنطقة ردا على تصنيف الحرس الثوري منظمة ارهابية.
لكن حشمت الله فلاحبيشة، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى (البرلمان) الإيراني الذي يزور موسكو، انتقد إعلان تصريحات إيرانيين حول لمهاجمة الجنود الأميركيين وقتلهم، وقال: "نتوقع من البرلمانيين الدفاع عن إيران واتخاذ القرارات في إطار القانون الدولي، والامتناع عن الإدلاء ببيانات مثل إرجاع الجنود الأميركيين في توابيت أو قتل الجنود الأميركيين لأن مثل هذه التصريحات ليست مدروسة، وليست في إطار سياسة البلاد الدفاعية".
ورغم أنه وصف تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة بأنه "انتهاك أميركي للقوانين الدولية وميثاق حقوق الإنسان" لكنه شدد على أن "رد إيران هو إجراء دفاعي".
من جهتها، نشرت صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد خامنئي، مقالا الأربعاء، هددت فيه الرئيس الأميركي ترمب ودعته " للتفكير بتوابيت الجنود الأميركيين".
وذكر المقال بقلم المحلل المقرب من التيار الأصولي المتشدد، محمد صرفي، أن "قرار ترمب بإعلان الحرس الثوري الإيراني تنظيمًا إرهابيًا هو نتيجة قلق وإحباط، أكثر من أن يكون خطوة هجومية ناتجة عن تفكير".
وأضاف أن "على ترمب أن يشاهد، مرة أخرى، صور الأسرى الأميركيين الذين أسرتهم قوات الحرس الثوري عام 2005، ويعلم أن الظروف قد تغيرت بدءًا من اليوم".
وكان نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، عباس عراقجي، حذر من مواجهة عسكرية قد تقع بين الحرس الثوري والقوات الأميركية، في الخليج، عقب إدراج الحرس الثوري على قائمة الإرهاب.
وبينما اعتبر محللون أن تصنيف الحرس الثوري الإيراني في قائمة الإرهاب خطوة مفصلية في إطار استراتيجية تغيير النظام في إيران، رغم تأكيد بريان هوك، رئيس مجموعة العمل الخاصة بإيران بوزارة الخارجية الأميركية، في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز " أن هدف أميركا ليس "تغيير النظام" بل "تغيير سلوكه".
الحرس الثوري كداعش والقاعدة
وكتب المحلل الأميركي إيلان برمان، في مقال بموقع إذاعة "فردا" إن تصعيد إدارة ترمب بتصنيف الحرس الثوري (IRGC) في قائمة المنظمات الإرهابية الخارجية يضعه على قدم المساواة مع الجماعات الإرهابية العالمية، مثل داعش والقاعدة.
وقال برمان إن هذا التصنيف هو اعتراف بأن "إيران ليست فقط دولة راعية للإرهاب، بل إن الحرس الثوري الإيراني يشارك بنشاط في الإرهاب ويمول ويروج له كأداة للحكم"، كما يقول بيان البيت الأبيض.
واعتبر برمان أن إدارة ترمب قد قطعت شوطاً طويلاً نحو طمأنة الحلفاء الإقليميين بأنهم ليسوا وحدهم في مواجهة التهديد الإيراني".
بدوره أشار مايكل بريجنت من معهد أبحاث "هدسون"، إلى أن خطوة ترمب تستهدف جميع أنشطة الحرس الثوري الإيراني وخاصة "قوة القدس" والميليشيات الشيعية التابعة لها في العراق وأفغانستان وباكستان واليمن ودول أخرى وكذلك تلك الميليشيات المنتشرة بكثرة في سوريا.
واعتبر قيام البيت الأبيض بتصنيف كافة تشكيلات الحرس الثوري إرهابية بأنها "حرية عمل أكبر لاستهداف شبكة التهديدات الواسعة التابعة للنظام الإيراني في جميع أنحاء المنطقة".
واعتبرت إميلي هوثورن، محللة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة ستراتفور للاستخبارات الجيوسياسية، في مقابلة شبكة "CNBC" الأميركية الثلاثاء، أن خطوة ترمب غير المسبوقة ستجعل المفاوضات المستقبلية مع إيران "أكثر صعوبة".
وقالت هوثورن إن أي حكومة أميركية مستقبلية، إذا أرادت التفاوض مع إيران أو التفاوض مع الجيش الإيراني بأي شكل من الأشكال، فسيتعين عليها إخراج الحرس الثوري من قائمة الإرهاب، وإلا فإنهم يتفاوضون عمليا مع منظمة إرهابية".
ورأت هوثورن أن الضغط الاقتصادي للإدارة الأميركية على إيران هو لإجبارها على التفاوض في حين أن خطوة تصنيف الحرس كمنظمة إرهابية هو "تصعيد سياسي" وأنه لن يكون "سببًا مباشرًا للقلق بشأن المزيد من التصعيد العسكري".
وأضافت "هذا لا يغير حقيقة أن إيران والولايات المتحدة كانتا على خلاف، وكثيراً ما واجهتا بعض التوتر العسكري في الخليج خلال السنوات العديدة الماضية".
هذا بينما شكك ريتشارد شميرير، رئيس مجلس إدارة مركز الشرق الأوسط للسياسات، الذي كان يشغل سابقًا منصب سفير الولايات المتحدة لدى سلطنة عمان في الفترة من 2009 إلى 2012 ، في أن هذه التطورات قد تتحول إلى مواجهة عسكرية.
وقال شميرير، في حديثه لـ CNBC، إن تصنيف الولايات المتحدة للحرس الثوري الإيراني كجماعة إرهابية "أمر مهم"، لكنه أكد أن الجانب الأميركي سيتجنب أي مواجهة حقيقية.
فخ أميركي
من داخل إيران، اعتبر المحلل السياسي والدبلوماسي الإيراني السابق، فريدون مجلسي، أن إدراج الحرس الثوري في قائمة الإرهاب "فخًا" من جانب السلطات الأميركية بهدف استفزاز إيران، وطالب قادة الحرس الثوري بعدم القيام بأي خطوة استباقية في الهجوم ضد القوات الأميركية.
وذكر أنه في حال أقدم الحرس الثوري على مواجهة القوات الأميركية في الخليج، فإن ذلك سيواجه ردًا، ومن المتوقع أن تدخل البلاد بعد ذلك في حرب علنية مع الولايات المتحدة.
أما النائب الإصلاحي محمود صادقي، فقال في حوار مع صحيفة "اعتماد" إنه "يجب إحالة قضية إدراج الحرس الثوري ضمن قائمة الإرهاب إلى المحاكم الدولية".
وذكر النائب صادقي أن الجيش قوة عسكرية كلاسيكية، أما الحرس الثوري فتم تأسيسه للحروب غير المنظمة، وأن الجيش والحرس الثوري قوتان رسميتان للبلاد".
واعتبر صادقي أن الخطوة الأميركية لا تتجاوز كونها حربا نفسية وأن على طهران أن تكون حذرة لكي تُفشل المخطط الأميركي في عزل إيران عن العالم".