المصدر / وكالات - هيا
تمرّ العلاقات الأميركية التركية منذ أشهر طويلة بما يشبه الأزمة، لكنها لا تنفجر لأن واشنطن لا تريد أن تتسبب بدفع الأمور إلى الانهيار.
تحدثت "العربية.نت" مع مسؤولين في الإدارة الأميركية تابعوا المباحثات مع المسؤولين الأتراك، وهم أشاروا إلى أمر غير عادي في علاقات الدول، وهو أن المسؤولين الأتراك، وربما بتأثير مباشر من الرئيس رجب طيب أردوغان، يتحدثون خلال المباحثات الرسمية عن محاولة الانقلاب في العام 2016 ، وما زالوا حتى الآن يشيرون خلال الحوارات، وإن بشكل غير مباشر إلى "دور سرّي مفترض للولايات المتحدة" في محاولة الانقلاب، حتى إن بعض المسؤولين الأتراك وصلوا إلى الإشارة إلى أن مسؤولية أميركا تعود إلى أن طائرات أميركية من نوع إف – 16 شاركت في الانقلاب وكانت تستهدف حياة الرئيس التركي أردوغان.
منظومة روسية؟
تعتبر الإدارة الأميركية الآن أن أكبر تحدياتها في العلاقات مع تركيا هو شراء أنقره منظومة إس - 400 من روسيا، ويكرر الأميركيون بكثير من الاستغراب أنهم لا يفهمون كيف يمكن لدولة عضو في حلف شمال الأطلسي أن تضع في حسابها شراء هذه المنظمة الروسية.
شرح إريك بايهون المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية خطورة هذه المسألة بالقول "إن حلف الأطلسي أنشئ أساساً لمواجهة المنظومة الروسية خلال الحرب الباردة، وأنظمته الدفاعية متواصلة، وتركيا عضو في هذا الحلف، أما منظومة إس 400 فقد بناها الروس لإسقاط طائرات إف 35 الأميركية الصنع، ووصل منظومة إس - 400 إلى منظومة تركية أطلسية يعني تعريض كل الحلفاء للخطر".
يعتبر الأميركيون أن هذه القضية هي الأخطر في القضايا المطروحة بين الجانبين وهم يعملون على حلّها وأن المسألة ربما تأخذ وقتاً، لكن شراء المنظومة سيعني فرض حزمة من العقوبات بشكل آلي، ومنها خسارة تركيا المشاركة في تصنيع طائرة إف - 35 كما ستتعرّض تركيا لعقوبات يفرضها قانون أميركي معروف باسم CAATSA ويتعلّق بفرض عقوبات على روسيا ودول تتعامل معها.
بولنت علي رضا خبير شؤون تركيا في معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية اعتبر أن تركيا لطالما فاوضت على موضوع إس – 400 على أنه جزء من صفقة ثلاثية، تحظى فيها تركيا على المنظومة الروسية، وفي الوقت ذاته على منظومة باتريوت وإف – 35 وأضاف أنهم يأملون في أن يتخطّى ترمب إعاقة الكونغرس في هذا المجال.
الأكراد السوريون
تواجه الولايات المتحدة أيضاً تحديات جدّية مع تركيا في شأن سوريا، وتعتبر الولايات المتحدة بحسب ما قال إريك بايهون للعربية.نت إنها "بنت قوة عسكرية لمحاربة داعش، ونجحت هذه القوة بالتعاون مع الأميركيين في إبعاد التنظيم الإرهابي عن حدود تركيا، والآن نرى أن علينا الحفاظ على الاستقرار في سوريا، وفي الوقت ذاته التجاوب مع القلق التركي".
منذ أشهر طويلة والأتراك في المقابل يتمسكون بموقف يقول إن الأكراد في شمال شرقي سوريا هم عناصر من تنظيم حزب العمال الكردستاني ولا تريد تركيا أن يسيطر هؤلاء على أي جزء من أي أرض.
ومن الأفكار المطروحة ابتعاد الأكراد عن الحدود وتسيير دوريات على غرار ما حصل في منبج، لكن ذلك يعني أن يحتفظ الأكراد بمنطقة يسيطرون عليها والأتراك يتمسكون بإنهاء أي حضور كردي في أي مكان.
ما زال الأميركيون يتعاطون مع هذه المسألة من باب ضرورة التوصل إلى "توافق"، فمن جهة يتمسكون بعدم التفريط بالأكراد في سوريا وعدم السماح لأي طرف بالاعتداء عليهم، ومن جهة ثانية يريدون التجاوب مع المطالب التركية ويصفون الأمر بـ "القضية الدقيقة".
يعتبر الأميركيون الآن أن أي طرف لن يحصل على 100% من ما يريد لكن من "الضروري المحافظة على أمن وسلامة الناس كما من الضروري المحافظة على سلامة الحدود التركية".
يعتبر بولنت علي رضا، خبير شؤون تركيا أن العمل جار بين الطرفين لكنهما لن يصلا إلى نتيجة، فالاتصالات كثيرة ومنها اتصالات هاتفية بين الرئيسين ترمب وأردوغان، وجيمس جيفري يعمل بجدّ ولا نتائج حتى الآن.
هذه المشاكل بين واشنطن وأنقرة، تأتي في وقت يعمل فيه الأميركيون على تحقيق الانسحاب من سوريا بحسب ما طلب الرئيس الأميركي وإبقاء 400 جندي أميركي بدلاً من 2000 جندي أميركي، كما يريد الأميركيون ضمان بقاء دول المنطقة في صفّها لدى مواجهة الخلاف الإيراني وتركيا هي إحدى هذه الدول.