المصدر / وكالات - هيا
تباين تعاطي وسائل الإعلام المصرية مع المظاهرات التي عمت القاهرة ومحافظات مصرية منذ مساء الجمعة، ما بين التجاهل التام والتناول الحذر.
وظلت قناة "دي أم سي" المملوكة للمخابرات تذيع أغاني حماسية للمطرب الإماراتي حسين الجسمي أثناء اندلاع المظاهرات في ميدان التحرير وسط القاهرة والمناطق المحيطة به.
ويبدو أن القائمين على أمر وسائل الإعلام -وكثير منهم منتمون لعصر نظام مبارك- قد تعلموا درس ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 ولم يعودوا لتصوير النيل بدلا من ميادين التظاهر، فانتظروا حتى جرى فض الميدان بالقوة ثم صوروه.
والأمر نفسه قامت به قناة "سي بي سي" التي ظلت تتجاهل المظاهرات حتى منتصف الليل وطرد المتظاهرين، وفي الأثناء قامت ببث فيديوهات لمطربين وفنانين يؤكدون ولاءهم للرئيس عبد الفتاح السيسي.
ولاحقا قامت القناة بإذاعة بث مباشر من الميدان يؤكد خلوه وسلاسة المرور فيه للراجلين والسيارات، والطريف أن مواطنين يبدو أنهم جاؤوا للانضمام إلى المتظاهرين قبل طردهم من الميدان وجدوا القناة تبث فرفعوا أيديهم بعلامة النصر من وراء مراسل القناة الذي خشي من أن يكونوا من المتظاهرين فابتعد عن الكاميرا.
وبحسب ما هو متبع إعلاميا في مثل هذه الحالات، كان يتوجب عليه الاستعانة بآراء المواطنين تأكيدا لوجهة نظرهم، إلا أنه تجاهلهم وحاول المخرج تصوير زوايا أخرى بعيدة عنهم.
وعندما زاد العدد حول المذيع قام شرطي بطردهم بعيدا عن نطاق تصوير الكاميرا.
وفسر المذيع المظاهرات التي جرت بأن هناك "مغرضين" حرّفوا الفيديوهات التي يحتفل فيها مشجعون بفوز فريقهم الأهلي، وركّبوا عليها أصوات بمطالب "سياسية".
أما المذيع المقرب من السلطة عمرو أديب فظل يذيع تغطيات لليوم الوطني السعودي واحتفالات قنوات مجموعة "أم بي سي"، ثم تغطية لنجاح الشرطة في إعادة طفل مخطوف بإحدى محافظات الصعيد.
وبعد الفاصل تناول أديب في برنامجه الأحداث بالقول إنه بالفعل كانت هناك مظاهرات محدودة وفي تجمعات حول الميدان وبعض المحافظات، متهما جماعة الإخوان بمحاولة ركوب احتفالات جمهور النادي الأهلي وإظهارها بأنها مظاهرات ضد النظام.
وقال أديب وقد بدا عليه بعض الاضطراب وتخلى عن طريقته المسرحية الصارخة الواثقة إن الميدان مفتوح والحركة معتادة فيه، والمترو لم يغلق، مرحّبا بالمظاهرات ولكن بعد "استقرار البلاد"، مشيرا إلى أن قنوات "الأعداء" -ويقصد بها قنوات المعارضة بالخارج- سوف تتلاعب بالفيديوهات وتضخم الحدث البسيط.
وقال أديب إنه ليس لديه ما يخفيه ولا يخشى الحديث عنه، مؤكدا أنه "يتناول الشأن المصري بالصور الحية وليست المسجلة ولا المفبركة كما تفعل الجزيرة وأخواتها" على حد قوله.
أما قناة المحور فقد ظلت تبث برامج مسجلة عن إنجازات النظام بالتركيز على مدينة العلمين الجديدة التي يثير الإنفاق الباهظ في نفقات إنشائها غضب الكثيرين.
ومدينة العلمين الجديدة من المدن التي انتقد الفنان ورجل الأعمال محمد علي طريقة إنشائها والبذخ الهائل فيها وتخصيصها فقط لفاحشي الثراء.
وتجاهلت قناة النهار الأحداث تماما وهي تتابع مهرجان الفضائيات العربية، وكذلك فعلت قنوات التلفزيون المصري (ماسبيرو) التي خلت من أي إشارة إلى الأحداث، واكتفت ببث برامج اعتيادية ترفيهية واجتماعية وأفلام قديمة.
أما الصحف المملوكة للسلطة والقريبة منها فقد ركزت على خطاب يكاد يكون موحدا مفاده أن "الإخوان يعرضون فيديوهات مفبركة وينشرون مقاطع تعود لعام 2011 على أنها جديدة".
وحفلت التعليقات أسفل الأخبار بردود ساخرة على الأخبار المنشورة في جريدتي اليوم السابع والدستور، حيث أكد قراء موقعي الصحفيتين أن الهتافات تطالب برحيل السيسي الذي لم يكن يتولى أي منصب سياسي عام 2011.
وقال مختصون بالشأن الإعلامي إن التأخر في التغطيات يرجع إلى انتظار هؤلاء الإعلاميين التعليمات والنص المراد منهم قوله للجماهير خشية أن يقولوا ما يغضب القائمين على أمر الإعلام من الضباط.