المصدر / وكالات - هيا
سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي عاش صعوداً وهبوطاً منذ بداية الحرب في البلاد، ففي عام 2011 كان الدولار الواحد يساوي 48 ليرة سورية لا غير، ثم بدأت الأمور بالانحدار مع كل جديد يعصف بالبلد.
وعلى الرغم من الانتكاسات التي كانت تشهدها بين الحين والآخر، تعايش السوريون مع الأوضاع مرغمين، مع اعتمادهم الكبير على مساعدات ذويهم من القابعين خارج البلاد، ففرق صرف العملات الأجنبية كان كفيلا لأن يحل جزءا من المشاكل.
الجديد اليوم أن سعر صرف الليرة السورية شهد خلال الأسبوع الحالي، تدهوراً متسارعاً أمام الدولار الأميركي، ووصل إلى أدنى مستوى له في تاريخها منذ بداية الحرب، أسهم بذلك إلى حد كبير العقوبات المفروضة على حكومة النظام هناك وعجزها المالي، وهو ما اعتاد عليه السوريون وأصبح طبيعياً، فعند أي سؤال عن الغلاء تتردد الإجابة باللهجة السورية: "ارتفع الدولار"، إلا أن الغريب اليوم هو أن تدخل أزمة لبنان على خط أزمة الجارة السورية كي يكتمل المشهد، فأزمة شح الدولار في لبنان والاحتجاجات المتواصلة هناك كانت عاملاً آخر لما حل بالليرة السورية.
في التفاصيل، سجل سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار في السوق السوداء بدمشق الخميس الماضي (768 مبيعاً - 766 شراءً)، حسب صفحة "الأسهم السورية" (سيريا ستوكس) على موقع "فيسبوك" التي تعنى بأسعار صرف الليرة، هذه الصفحة التي تعتبر متابعة للسوق والأسعر وموثوقة لدى السوريين، إلا أنها توقفت عن نشر أسعار الصرف بعد اتهامات أطلقها "مصرف سوريا المركزي" بالمضاربة على أسعار الصرف بتوجيهات خارجية ثم عاودت نشاطها من جديد.
"إغلاق تمناه كثيرون"
عرضت الصفحة حين قررت وقف النشر، سعر "50 مبيعاً - 48 شراء". وقالت: "إغلاق تمناه كثير من متابعي "سيريا ستوكس" وهو السعر الذي كان عام 2011"، أي قبل اندلاع الثورة في سوريا.
وأضافت: "هكذا نكون قد لبينا نداء الكثيرين وأصبحت الكرة في ملعب المصرف المركزي السوري، بانتظار ماذا سوف يصدر عنه من قرارات، فيما شددت على أنها تنقل لمتابعيها "واقع السوق لحظة بلحظة كما هو. ولا تقوم بالمضاربة في الأسواق أو تحرض على المضاربة بالليرة السورية"، بحسب تعبيرها.
يشار إلى أنه من المعروف أن في عهد الاستقلال السوري عن الفرنسيين عام 1946 كان الدولار يساوي ليرتين سوريتين فقط، أما اليوم فقد قطع الدولار الـ750 ليرة سورية، بيد أنها حافظت على سعر ما بين 45 و50 مقابل الدولار في الفترة ما بين 2000 ونهاية 2010.
أزمة لبنان!
بدوره، أوضح أحد العاملين في سوق الصيرفة أن الأحداث الجارية في لبنان أسهمت بشكل كبير في التدهور السريع الحالي الحاصل في سعر صرف الليرة، حيث لفت إلى أنه ومنذ اندلاع الأحداث في سوريا منتصف مارس/آذار 2011 والعقوبات التي فرضت على الحكومة، شكل لبنان مصدراً رئيسياً للعملة الصعبة بالنسبة لسوريا، لكن مع الأحداث الأخيرة في لبنان بات الأمر يجري بشكل معاكس، وقال: "أضحى كثير من اللبنانيين في الآونة الأخيرة يشترون الدولار من السوق السورية، ما زاد الطلب عليه أكثر، وبالتالي تراجع سعر صرف الليرة السورية بشكل حاد"، بحسب ما نقلته صحيفة الشرق الأوسط.
من جهة أخرى، فإن كثيراً من التجار السوريين وأصحاب رؤوس الأموال وللحفاظ على مصالحهم قاموا منذ اندلاع الأحداث في سوريا بإيداع جزء كبير من أموالهم بالعملة الأجنبية في مصارف لبنانية، وكانوا يسحبون منها بين الحين والآخر مبالغ معينة ويدخلونها إلى سوريا، لتسيير أمورهم ومصالحهم، ولكن بعد ما حدث في لبنان والقرارات الأخيرة هناك بشأن عمليات السحب من المصارف تقلصت إلى حد كبير المبالغ من العملة الأجنبية التي كان هؤلاء التجار يدخلونها إلى سوريا، ما أدى إلى ازدياد الطلب على الدولار وتراجع سعر صرف الليرة، في حين لا يوجد رقم دقيق لأرقام الأموال أموال التجار السوريين المودعة في المصارف اللبنانية.
مع كل هذه التغيرات، ليس بوسع الشارع السوري احتمال ارتفاع الأسعار الجنوني والتدهور الحاد المتسارع في قيمة الليرة، وعليه قام رئيس النظام بشار الأسد الخميس الماضي بزيادة رواتب الموظفين 20 ألف ليرة، أي ما يعادل 25 دولاراً، في حين أن زيادة الرواتب هذه وبحسب مطلعين لا يمكنها سد فجوة ارتفاع الأسعار والأجور، حيث يتراوح متوسط رواتب وأجور العاملين في القطاع العام بين 20 ألف ليرة "25 دولاراً" و40 ألف ليرة "60 دولاراً" شهرياً، وفي القطاع الخاص بين 100 ألف ليرة "140 دولاراً" و150 ألف ليرة "200 دولار" شهرياً، في حين يحتاج الفرد إلى أكثر من 100 ألف ليرة للعيش بالحد الأدنى.