المصدر / وكالات
الجانب السياسي في إعلان نتائج الإحصاء السكاني في الأردن لا يمكن إغفاله، خصوصا وأن الأرقام المعلنة أثارت ضجة واسعة النطاق ليس فقط لأنها أظهرت وجود «ديموغرافيا» سورية لا يمكن إنكارها تقترب من مليون ونصف مليون نسمة، ولكن أيضا لأن عدد الفلسطينيين في الأردن تبين أنه لا يشكل سببا لـ»قلق ديموغرافي» وهو يقترب كثيرا من عدد العمال الوافدين من جمهورية مصر العربية، وهؤلاء عددهم لا يتجاوز 7٪ وهم على الأرجح من يحملون جواز سفر مؤقتا أصدرته الدولة الأردنية.
مضمون الأرقام الرسمية الأردنية يرد سياسيا على مقولات التوطين والوطن البديل التي طالما استعملت ضد مسارات الإصلاح السياسي.
والأرقام نفسها تعلي من شأن الكتلة الديموغرافية السورية التي تعتبر مدللة اليوم من المجتمع الدولي وتعتبر اللاجئين الفلسطينيين جزءا أساسيا من «الأردنيين»، وهو ما لم تكن السلطات تقوله في الماضي بصورة مباشرة.
30 ٪ تقريبا من سكان الأردن «غير أردنيين»… هذا ما تقوله الأرقام وسبق للحكومة أن قالت إن نحو 20 ٪ من سكان الأردن عبارة عن لاجئين على أمل ان تساهم هذه الوقائع الرقمية في لفت نظر العالم لمعاناة الأردن بسبب سلسلة أزمات اللجوء. النقابات المهنية الأردنية فوجئت بأن عدد المصريين المقيمين المصنفين ضمن السكان في الأردن نحو 630 ألف ساكن فيما كانت وثائق النقابات المهنية تتحدث عما لا يزيد عن 400 ألف مصري يعملون ويقيمون في الأردن.
وطالت المفاجأة أيضا الوجود العراقي الذي حل في المرتبة الرابعة عدديا دون حساب العراقيين المقيمين في الأردن والخارج أيضا.
اللافت أن نتائج الإحصاء أعلنت عشية مؤتمر لندن للمانحين، وبعد جدل متعاظم في البلاد تحت عنوان التحذير من التلاعب بطبيعة الوجود السوري في المملكة وتغيير صفته من حالة اللجوء إلى حالة «المكون الاجتماعي».
يساند المفكر السياسي عدنان أبو عودة في نقاش مع «القدس العربي» وجهة النظر التي تنظر نقديا لإدارة المعطيات في الحكومة على أساس أجندة مؤتمر لندن تحديدا لتمويل ومساعدة اللاجئين السوريين، مشيرا إلى أن الاعتبارات السياسية قد تكون لعبت دورا في ترتيب وتصنيف الأرقام.
كثيرون في الطبقة السياسية يعربون عن مخاوفهم من الإعلان السريع عن نتائج التعداد السكاني الرقمية ،والتي تظهر بأن عدد السوريين في الأردن يبلغ مليونا ونحو 300 ألف ساكن يتحدث المجتمع الدولي عن طول إقامتهم ودمجهم في المجتمع الأردني.
الأرقام أظهرت بأن عدد سكان الأردن يزيد بقليل عن تسعة ملايين نسمة من بينهم نحو ثلاثة ملايين غير أردني ونصف هؤلاء تقريبا من السوريين تحديدا، بمعنى ان السوريين هم الفئة الأكثر عددا من بين «غير الأردنيين» التي تقيم في المملكة.
والسوريون أيضا هم الأكثر عددا من بين غير الأردنيين الذين يقيمون في عمان العاصمة، حيث بلغ عددهم أكثر من 400 ألف سوري، وهو رقم يظهر بصمات الديموغرافية السورية وانجذابها للعاصمة تحديدا، وهي المدينة التي تحتضن أكثر من 45 ٪ من سكان المملكة اليوم حيث يسكنها نحو أربعة ملايين شخص.