المصدر / وكالات
وجه الرئيس الإيراني حسن روحاني انتقادات لاذعة إلى جهة متنفذة، من دون أن يذكر اسمها، بسبب تورطها الواسع في الفساد والتهريب في إيران.
وبحسب روحاني فإن «جهازا فاسدا» في إيران يقف وراء تهريب السلع، ويمنع الإنتاج وتطوير البلد، حيث قال «يجب علينا التصدي لهذا الفساد». وانتقد روحاني أجهزة تشرف على الفساد لكنها لا تقوم إلا بتوجيه النقد، حسب تعبيره، في إشارة ضمنية إلى السلطة القضائية. وقال إن «الأجهزة الرقابية مطلوبة، لكن شرط العمل وفق القانون وعدم إعاقة تطور البلد». وأعرب روحاني عن نوايا حكومته محاربة الفساد والرشى وخروج الاقتصاد من الانحصار، والتنافس، في إشارة إلى تخصيص القطاعات الحكومية.
وجاءت تصريحات روحاني على هامش افتتاح 138 مشروعا عمرانيا بمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين من انتصار الثورة الإيرانية. ويأتي كلام روحاني بعد أيام من حديث وزير العدل الإيراني، مصطفي بور محمدي، الذي دعا إلى تأسيس منظمة «مكافحة الفساد» في إيران من خلال دمج عدد من المنظمات الحكومية التي تعمل على مكافحة الفساد.
وفي هذا السياق، قال بور محمدي إن منظمة «مكافحة الفساد» ستساعد وزارة العدل والسلطة القضائية على مكافحة الفساد والتصدي له، مؤكدا أهمية المنظمة نظرا لملفات الفساد الكثيرة ونطاقها الواسع في المؤسسات الحكومية والمالية الإيرانية. وطالب بور محمدي بتشديد الرقابة على المجموعات التابعة لوزارة الاقتصاد مثل الخزانة العامة ومنظمات الضرائب والجمارك وشركات التأمين والبنوك والمنظمات المالية التابعة للمؤسسات غير الحكومية.
وفي أثناء ذلك، لفت بور محمدي إلى مساعي حكومة روحاني من أجل تأسيس منظمة حكومية «قوية» قادرة على مكافحة الفساد في إيران، لكنه لمح إلى أن تأسيس المنظمة قد يواجه معارضة في البرلمان الإيراني.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يهاجم فيها حسن روحاني جهات متنفذة بسبب نشاطها الاقتصادي. وكان روحاني قد هاجم الحرس الثوري ضمنيا دوره في الاقتصاد الإيراني في ديسمبر (كانون الأول) 2014، قائلا إن جمع «المعلومة والأسلحة ورأس المال والمواقع الإخبارية والصحف ووكالات الأنباء في مكان واحد» سبب في الفساد. بدوره، كشف رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان الإيراني، أحمد توكلي، الجمعة الماضية على هامش «المؤتمر الوطني للشفافية»، أن الفساد ألحق ضرار قدره 34 مليار دولار بالاقتصاد الإيراني. وقال توكلي إن الفساد أصبح مستشريا في المؤسسات الحكومية الإيرانية، مضيفا أن المؤسسات الحكومية التي تعمل على مكافحة الفساد أصبحت تعاني نفسها من الفساد الواسع.
إلا أن توكلي، في إشارة ضمنية إلى السلطة القضائية والشرطة، اعتبر الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية بسبب فساد مسؤولين في تلك المؤسسات، لافتا إلى أن البرلمان الإيراني بصدد سن قوانين من أجل التصدي للفساد في المؤسسات الحكومية. ولم يشر توكلي في تصريحاته المتعددة حول الفساد المشتري في إيران إلى المؤسسات الحكومية التي تعاني من الفساد وطبيعة وحجم الفساد في تلك المؤسسات. وفي إشارة إلى قرب انطلاق الحملات الانتخابية وتمويلها في إيران في منتصف فبراير (شباط)، قال إن مظاهر الفساد تزداد عبر «العصابات والتواطؤ والحماية الاقتصادية الخاصة والمصالح الأسرية». يشار إلى أن المرشد الأعلى علي خامنئي كان قد انتقد في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 تطرق وسائل الإعلام الإيرانية إلى قضايا الفساد الاقتصادي والاختلاسات الواسعة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة. وعدّ خامنئي التطرق لتلك القضايا محاولة للنيل من المسؤولين الإيرانيين.
وأظهرت نتائج استطلاع رأي بين الإيرانيين قامت به مؤسسة «آي بز» مؤخرا حول الفساد بين المؤسسات الحكومية في إيران، أن البنوك بنسبة 77 في المائة والبلديات والمحاكم بنسبة 63 في المائة والشرطة بنسبة 55 في المائة بين المؤسسات الحكومية الأكثر فسادا في إيران. كما أن نتائج الاستطلاع أظهرت أن أكثر من 71 في المائة من الإيرانيين يعتقدون أن الفساد مستشر في المؤسسات الحكومية، بينما 96 في المائة من بينهم يوافقون على أن «العقاب الجيد» الوسيلة الأمثل لردع الفساد في إيران.
وقالت المؤسسة إنها استطلعت آراء كثيرين في اتصالات أجرتها معهم للوقوف على آراء الإيرانيين حول الفساد وسبل مكافحته، وكذلك تقييم المؤسسات المتأثرة بالفساد في إيران. ووفق الاستطلاع، يعتبر الحرس الثوري وشرطة المرور والجامعات ومجلس البلديات والقرى والمراكز الطبية ومنظمة سجل الأحوال المدنية ومنظمة التعليم والتربية من بين المنظمات الأكثر فسادا في إيران. وأظهر الاستطلاع أن 63 في المائة من الإيرانيين يعتقدون أن الفساد كثر أو زاد في السنوات الخمس الأخيرة، مقابل 17 في المائة فقط يعتقدون أن نسبة الفساد تراجعت في تلك السنوات، بينما قال 7 في المائة إن الفساد حافظ على نسبه.
وتوقع أكثر من 54 في المائة من الإيرانيين أنه بعد الاتفاق النووي ستكون مكافحة الفساد ضمن اهتمام المسؤولين الإيرانيين، بينما اعتقد 26 في المائة خلاف ذلك، وفضل 20 في المائة عدم المشاركة في هذا الجزء.
وكان تقرير منظمة الشفافية الدولية حول الفساد في تقرير عام 2015 وضع إيران في المرتبة 130 بين الدول الأكثر فسادا في العالم، ويتناول تقرير منظمة الشفافية الدولية وضع الفساد في المؤسسات الحكومية والجهاز القضائي والأحزاب السياسية في 168 دولة. وتحسنت رتبة إيران مقارنة بعام 2014 بعد صعودها ست رتب، إلا أنها لم تتفوق على جيرانها ما عدا العراق وأفغانستان.