المصدر / وكالات - هيا
محمد المنشاوي–واشنطن
أكد المرشح اليساري الاشتراكي السيناتور بيرني ساندرز تفوقه الواضح على بقية المرشحين في سباق الديمقراطيين الساعين لمواجهة الرئيس دونالد ترامب في انتخابات 2020، إذ حصل على أكبر عدد من الأصوات في الولايات الثلاث التي شهدت انتخابات تمهيدية حتى الآن، نيفادا، وقبلها نيوهامبشير وآيوا.
ودفع الفوز الذي حققه ساندرز في ولاية نيفادا بحظوظه لتصدر قوائم المرشحين الديمقراطيين، إذ لم يكن فوزا بسيطا، بل اكتسح التصويت بحصوله على 47.1% من الأصوات على الرغم من ازدحام السباق بمرشحين آخرين، وذلك بعد إعلان نتيجة 88% من الدوائر.
وجاء نائب الرئيس السابق جو بايدن ثانيا محققا 20.9% فقط من الأصوات وحل بيت بوتيدغيدغ ثالثا بـ 13.6% من الأصوات والسيناتورة إليزابيث وارين رابعة بـ 9.7% من الأصوات.
أهمية انتخابات نيفادا
على العكس من ولايتي آيوا ونيوهامبشير اللتين تبلغ نسبة السكان البيض فيهما أكثر من 97%، تعكس خريطة ولاية نيفادا السكانية صورة مصغرة من الولايات المتحدة.
فهناك تبلغ نسبة السكان البيض 68%، في حين تبلغ نسبة الأقليات العرقية الأخرى خاصة الأفارقة الأميركيين، و"الهيسبانيك" اللاتينيين نسبة 32%.
وكشفت نتائج ولاية نيفادا انقسامات حادة وتفتيتا للأصوات المعادية للسيناتور ساندرز في الحزب الديمقراطي، وهو ما يدعم بشدة حظوظه ويصعب من مهمة منافسيه ويضعه في المقدمة منفردا.
من ناحية أخرى، أظهرت نتائج نيفادا كذلك خطأ حسابات أعداء ساندرز داخل الحزب ممن يكررون أن نسبة دعم الديمقراطيين للسيناتور الاشتراكي لا تتخطى 30% في أفضل الأحوال.
وكشف تحليل لأصوات ناخبي ولاية نيفادا حصول ساندرز على أصوات أغلبية الرجال والنساء، والبيض واللاتين، والناخبين الحاصلين على مؤهلات جامعية، ومن لم يتلق تعليما جامعيا، ومن يطلقون على أنفسهم ليبراليين أو محافظين.
وأكدت نتائج ولاية نيفادا في الوقت ذاته سيطرة ساندرز على قاعدته الانتخابية من الفئات العمرية الشابة، إذ حصل على 56% من أصوات الناخبين أقل من 44 عاما، كما حصل على نسبة 49% من أصوات اللاتين، وأصوات 27% من الأفارقة الأميركيين.
وبعد فوزه قال ساندرز، "لقد أصبح لنا تحالف متنوع الثقافات ومتنوع الأعراق، ولهذا لم نحقق الفوز فقط في نيفادا، بل سنكتسح بقية الولايات".
ماذا بعد الفوز؟
لم يكن من الطبيعي أن يقضي ساندرز آخر يومين قبل انتخابات نيفادا في ولايتي كاليفورنيا وتكساس، ودفعت الثقة بساندرز للتركيز المبكر على أكبر ولايتين في سباق يوم الثلاثاء الكبير في الثالث من الشهر المقبل.
ويشهد الثلاثاء الكبير انتخابات تمهيدية في 14 ولاية يحدد مصيرها هوية المرشح الفائز إلى حد بعيد.
وأدى فوز ساندرز في نيفادا لقلق واسع في دوائر نخبة الحزب الديمقراطي وذلك على خلفية مخاوف من طبيعة خطابه الاشتراكي. ولا ينتقد ساندرز فقط سياسات الحزب الجمهوري، بل تمتد انتقاداته للكثير من سياسات الحزب الديمقراطي.
وقارن كريس ماثيو، المعلق بشبكة سي أن بي سي، القريبة من الحزب الديمقراطي، بين صعود ساندرز وبين سيطرة النازيين على فرنسا وأكد أن هناك كارثة تنتظر الديمقراطيين.
في حين عبر جون كووبر، المسؤول السابق بحملة باراك أوباما، ورئيس التحالف الديمقراطي، عن غضبه من نتائج انتخابات نيفادا.
وقال كووبر في تغريدة له "لو انتهى المطاف بفوز ساندرز ببطاقة الحزب الديمقراطي، سنخسر الديمقراطية. أنا لا أبالغ، هذا هو الواقع كما هو. داعمو ساندرز من حقهم أن يحلموا كما يشاؤون، لكن الأحلام لن تحقق الانتصار في الانتخابات".
أما بيل كريستول، المفكر الجمهوري الشهير، فقد عبر عن استغرابه مما بدا أنه "استسلام الديمقراطيين لصعود ساندرز"، وقال في تغريدة على موقع تويتر "لا مبرر لتسليم الحزب الديمقراطي إلى شخص ديماغوجي ينتمي لأيديولوجية فاشلة".
وعلى النقيض دعا الكاتب بول كروغمان الحاصل على جائزة نوبل في الاقتصاد، إلى عدم الخوف من وصول ساندرز للرئاسة.
وفي سلسلة تغريدات قال كروغمان، "على ما يبدو أن ساندرز في طريقه للفوز بترشيح الديمقراطيين، لكن علينا إدراك أن ساندرز ليس النسخة اليسارية من ترامب. وعلى الرغم من الاختلاف مع الكثير من أفكاره، لا يرغب ساندرز في أن يكون حاكما مستبدا".
وأضاف كروغمان "أميركا تحت حكم ساندرز ستبقى أميركا التي نعرفها، وساندرز أفضل من ترامب، ولن يسمح الحزب الديمقراطي لترامب أن يسيء استخدام سلطاته".
من ناحية أخرى، يخوض المرشحون الديمقراطيون معركة شديدة الأهمية يوم 29 من الشهر الجاري في ولاية كارولينا الجنوبية.
وتبلغ نسبة الناخبين الأفارقة الأميركيين في هذه الولاية 61% من إجمالي الأصوات، من هنا يراها بعض الخبراء الأمل الأخير لجو بايدن الذي يكرر أنه المرشح المفضل للأميركيين الأفارقة نظرا لعمله السابق نائبا لأول رئيس أسود في التاريخ الأميركي.
في الوقت ذاته، ستكشف انتخابات كارولينا الجنوبية طبيعة علاقة ساندرز بكتلة المصوتين من الأفارقة الأميركيين، وهي كتلة شديدة الأهمية لفوز أي مرشح ببطاقة الحزب الديمقراطي.
يسارية ساندرز
ويصف السيناتور ساندرز نفسه "بالمرشح الاشتراكي الديمقراطي" ويستشهد بخبرات الدول الإسكندنافية الاشتراكية الناجحة خاصة تجاه قضية الرعاية الصحية.
وتشير استطلاعات تجريها مؤسسة غالوب بانتظام منذ عقود إلى أن شعور الأميركيين يتحسن تجاه فكرة الاشتراكية، وتضاعفت نسبة الأميركيين الإيجابية تجاه الاشتراكية بين عامي 1943 و2018، حيث زاد الربط بينها وبين عدالة توزيع الثروة وتساوي الفرص الاقتصادية.
ويتهم مرشحو الوسط الديمقراطيون ساندرز بأنه يساري اشتراكي "يريد أن يمنع الأميركيين من حق اختيار نظام التأمين الصحي الذي يفضلونه"، وأنه "سيفرض عليهم نظام رعاية صحية موحدا، ويحظر التأمين الصحي الخاص ويمنع حق اختيار نظام الرعاية الصحية المناسب لكل شخص" كما يدعى المرشح بيت بوتيدغيدغ.
وعلى الرغم من معارضة أغلبية الأميركيين لطرح ساندرز بخصوص برامج الرعاية الصحية، فإن استطلاعات حديثة كشفت أن البرنامج ينال أغلبية بين الديمقراطيين.
ويدعم فكرة برامج الرعاية الصحية الموحدة 57% بين ديمقراطيي ولاية آيوا، و58% بين ديمقراطيي ولاية نيوهامبشير، و62% بين ديمقراطيي ولاية نيفادا.
ويعتقد دان كابشو، وهو ناشط ديمقراطي يقطن بمقاطعة مونتغمري المجاورة لواشنطن بولاية ميريلاند، أن كلمة "اشتراكي في 2020 لم يعد لها الأثر نفسه كما كان في خمسينيات وستينيات القرن الماضي أثناء الحرب الباردة".
وأضاف كابشو في حديث مع الجزيرة نت، أن "شباب الحزب الديمقراطي من طلاب الجامعات الداعمين للمرشح ساندرز ينظرون للفكر الاشتراكي بصورة أكثر إيجابية مقارنة بكبار السن، ويربطونه بتحقيق عدالة اقتصادية وتساوي الفرص أمام الجميع".
من جانبه، يستمتع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتعليق على تطورات السباق الانتخابي الديمقراطي. ويصف ترامب السيناتور ساندرز "بالمجنون"، وفي الوقت ذاته يحذره ترامب من مغبة "السماح لهم بسرقة الترشح" منه.
ويرى براد بارسكال، مدير حملة الرئيس ترامب أن "أنصار التدخل الحكومي من الاشتراكيين مثل السيناتور ساندرز مستمرون في التقدم والجنوح أكثر إلى اليسار. ومع كل يوم يمر ومع كل انتصار يحققونه نقترب أكثر وأكثر من إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب".