المصدر / وكالات - هيا
انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية "الأجواء المفتوحة" المبرمة مع روسيا و32 دولة أغلبها منضوية في حلف الأطلسي، حسبما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الخميس. وهذه المعاهدة الدفاعية التي مضى على توقيعها 18 عاما، هي الثالثة لضبط التسلح التي ألغاها سيد البيت الأبيض منذ وصوله لسدة الحكم.
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الخميس، انسحاب بلاده من اتفاقية "الأجواء المفتوحة" مع روسيا، ثالث معاهدة لضبط التسلح يلغيها سيد البيت الأبيض منذ وصوله إلى السلطة.
وقال ترامب إن موسكو لم تفِ بالتزاماتها الواردة في الاتفاقية التي مر عليها 18 عاما، وصممت لتعزيز الشفافية العسكرية والثقة بين القوى الكبرى. مضيفا للصحافيين في البيت الأبيض أن "روسيا لم تلتزم بالمعاهدة. ولذا، سننسحب إلى أن يلتزموا".
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد أفادت بأن ترامب يخطط لإبلاغ موسكو بالخطوة الجمعة، وأن القرار قد يشكل تمهيدا لانسحاب واشنطن من معاهدة "ستارت الجديدة" التي تحد عدد الصواريخ النووية، والتي يمكن لكل من الولايات المتحدة وروسيا نشرها.
ما هي اتفاقية الأجواء المفتوحة؟
وتسمح اتفاقية "الأجواء المفتوحة" بين روسيا والولايات المتحدة و32 دولة أخرى، معظمها منضوية في حلف الأطلسي، لجيش بلد عضو فيها بتنفيذ عدد محدد من الرحلات الاستطلاعية فوق بلد عضو آخر بعد وقت قصير من إبلاغه بالأمر.
ويمكن للطائرة مسح الأراضي تحتها، وجمع المعلومات والصور للمنشآت والأنشطة العسكرية. وتكمن الفكرة في أنه كلما عرف الجيشان المتنافسان معلومات أكثر عن بعضهما البعض، قل احتمال الصراع بينهما. لكن الجانبين يستخدمان الرحلات الجوية لفحص نقاط ضعف الخصم.
وتشعر الولايات المتحدة بالامتعاض لأن روسيا لن تسمح برحلات جوية أمريكية، فوق المناطق التي تعتقد واشنطن أن موسكو تنشر فيها أسلحة نووية متوسطة المدى وقد تشكل تهديدا لدول الاتحاد الأوروبي.
البنتاغون يتحدث عن "انتهاك روسي"
وفي هذا الصدد، صرح المتحدت باسم وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) جوناثان هوفمان، أن روسيا "تنتهك بشكل صارخ ومتواصل التزاماتها" الواردة في الاتفاقية. مضيفا "تطبق موسكو المعاهدة بأساليب تساهم في تهديد الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء عسكريا".
وأشار هوفمان إلى رفض روسيا السماح بتحليق الطائرات فوق مناطق حيث تعتقد واشنطن أن موسكو تنشر أسلحة نووية متوسطة المدى، بما فيها مدينة كالينينغراد المطلة على بحر البلطيق قرب جورجيا.
ومنعت موسكو في 2019 رحلات كان من المقرر أن تراقب مناورات عسكرية روسية، وهو أمر تسمح به المعاهدة عادة.
الطائرة التي أزعجت ترامب!
وأوردت "نيويورك تايمز" أن ترامب كان غير راض أيضا بشأن رحلة روسية فوق منتجعه للغولف في بيدمينستر في نيو جيرسي قبل ثلاث سنوات.
وقال هوفمان "في حقبة المنافسة بين القوى العظمى هذه، نسعى للدفاع عن اتفاقيات تصب في مصلحة كافة الأطراف وتشمل شركاءنا الذين يلتزمون بمسؤولية بتعهداتهم".
ومنذ وصوله إلى السلطة في يناير/كانون الثاني 2017، انسحب ترامب من اتفاقيتي تسليح أساسيتين أخريين هما الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران في 2015، لمنعها من تطوير برنامجها للأسلحة النووية، ومعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى مع روسيا التي تعود إلى 1988.
وفي كلتا الحالتين، اتهم ترامب الطرف الآخر بانتهاك الاتفاقية.
كيف ردت روسيا؟
أصرت الخارجية الروسية على أن روسيا لم تنتهك بنود المعاهدة وأن واشنطن "ستندم جدا" على انسحابها، مضيفة أن إدارة الرئيس ترامب كانت تعمل على "تعطيل كل الاتفاقيات المتعلقة بالحد من الأسلحة".
وقال نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر غروشكو، لوكالة RIA نوفوستي الرسمية "نرفض أية محاولة لتبرير الخروج من هذه الاتفاقية الجوهرية".
وأضاف: "لا شيء يمنع مواصلة النقاشات حول أمور تقنية، والتي تحرفها الولايات المتحدة وتسميها خروقات من قبل روسيا".
كما قال إن أي انسحاب سيؤثر على مصالح كل أطراف المعاهدة، والذين هم أيضا أعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وأعربت عشر دول أوروبية عن "الأسف" إزاء قرار واشنطن الانسحاب من اتفاقية "الأجواء المفتوحة"، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنّها تشارك الولايات المتحدة "دواعي القلق" نفسها حيال روسيا، وفق بيان لوزارة الخارجية الفرنسية.
وقال البيان الذي وقعت عليه 10 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، بينها ألمانيا وبلجيكا واسبانيا وهولندا إلى جانب فنلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ وجمهورية التشيك والسويد "نأسف لإعلان الإدارة الأميركية نيتها الانسحاب من اتفاقية الأجواء المفتوحة، رغم أننا نشاركها دواعي القلق بخصوص تنفيذ الاتحاد الروسي أحكام الاتفاقية".
وأضاف البيان أن "اتفاقية الأجواء المفتوحة عنصر مهم في إطار تعزيز الثقة الذي تم إنشاؤه قبل عقود لتعزيز الشفافية والأمن على امتداد المنطقة الأوروبية-الأطلسية". ومع تأكيدها الالتزام بالاتفاقية، ذكّرت الدول الموقعة أن الانسحاب لا يصير نافذا إلاّ بعد ستة أشهر.
وتابع البيان "سنواصل التحاور مع روسيا كما تقرر سابقا بين الحلفاء في حلف شمال الأطلسي وشركاء أوروبيين آخرين، وذلك لتسوية المسائل المعلّقة على غرار القيود غير المبررة المفروضة على الرحلات فوق كالينينغراد"، ودعت الدول موسكو إلى "رفع هذه القيود".
نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قال من جهته "إن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية "الأجواء المفتوحة" يقوض الأمن الدولي" حسب ما ذكرت رويترز التي نقلت عن ريابكوف قوله: "إن واشنطن لم تقدم أي حقائق تدعم تأكيدها على أن روسيا خرقت مرارا بنود الاتفاقية".
وكانت إدارة دونالد ترامب قالت سابقاً إنها أنبأت الشركاء الدوليين بنيتها الانسحاب من اتفاقية الأجواء المفتوحة التي تسمح لـ34 دولة بتشارك مجالاتها الجوية والقيام بطلعات جوية استطلاعية، بطائرات غير مسلحة. ونقلت وكالة أسوشييتد برس الأميركية عن مسؤول في الإدارة الأميركية قوله إن قرار واشنطن جاء على خلفية الخروقات الروسية المستمرة وخرقها المجال الجوي لدول أخرى.
لكن موسكو تقول إنها لم تنتهك الاتفاقية مضيفة أنه"لا يوجد ما يمنع من استمرار المحادثات بشأن المسائل الفنية التي تزعم واشنطن أنها انتهاكات"..وتسمح اتفاقية "الأجواء المفتوحة" التي مرّ عليها 18 عاما بين روسيا والولايات المتحدة و32 دولة أخرى، معظمها منضوية في حلف الأطلسي، لجيش أيّ بلد عضو فيها بتنفيذ عدد محدد من الرحلات الاستطلاعية فوق بلد عضو آخر بعد وقت قصير من إبلاغه بالأمر.
وتتيح معاهدة الأجواء المفتوحة ، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2002 ، التحقق من التحركات العسكرية وتدابير الحد من الأسلحة في 34 دولة موقعة حيث تتعهد الدول الأطراف بإخضاع أراضيها للتحليق الجوي السلمي من قبل الدول الأطراف الأخرى في الاتفاقية