المصدر / وكالات - هيا
في مقال بصحيفة لاريبوبليكا الإيطالية، قال رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج إن حكومته بعد المعركة الطويلة للدفاع عن طرابلس، لن تستسلم ولن تسمح لأي دكتاتورية بالظهور في ليبيا، وأبدى تقديره لدور تركيا ضد "العدوان" وثمن أيضا العلاقة التاريخية الطويلة الأمد مع كل من إيطاليا ومالطا.
وقال السراج "أكثر من 14 شهرا مرت منذ أن واجهت العاصمة الليبية طرابلس والمنطقة الغربية من ليبيا الاستبداد من خلال هجوم غير قانوني وغير أخلاقي بقيادة جنرال مارق، وشهدنا الفظائع التي تجلبها حرب تتم دون اعتبار للأخلاق ومليئة بجرائم يرتكبها فرد هدفه الوحيد رؤية ليبيا تقع تحت حكم شمولي ودكتاتورية بدون محاسبة".
وأضاف "لقد رأينا مؤسسات الدولة تقصف ومدارسنا ومستشفياتنا تستهدف بشكل عشوائي، وهدد سكاننا المدنيون وقتلوا وهدمت منازلهم وشرد أكثر من 200 ألف شخص بريء".
واستخف السراج بالدعاية والرواية التي يحاول بها الطرف المعتدي تبرير هذا السلوك -حسب وصفه- والتي تقول إن طرابلس عاصمة للإرهاب أو مركز للتطرف، موضحا أن "الشعب الليبي والمجتمع الدولي يدرك تماما دور حكومتنا الناجح في مكافحة الإرهاب من خلال مبادراتنا المشتركة لمكافحة الإرهاب مع حلفائنا الدوليين لوضع حد لمثل هذا النشاط في ليبيا".
وقال أيضا إن من سماها "مليشيا المعتدي" كانت تغض الطرف عن تنظيم الدولة الإسلامية في درنة، مظهرة استخفافها التام بمكافحة الإرهاب وسلامة الشعب الليبي، كما أن الهجوم الذي أطلقته في 4 أبريل/نيسان 2019 "لم يدفع النشاط الإرهابي في جميع أنحاء ليبيا بل يغذيه ويسهم في زعزعة الاستقرار".
لن نسمح بظهور أي دكتاتور
وأكد السراج أن حكومته لن تستسلم ولن تسمح لأي دكتاتورية بالظهور في ليبيا، وقال "شعبنا حارب بعزم عام 2011، مستوحيا ذلك من جيراننا وأقاربنا خلال الربيع العربي لإنهاء مثل هذا الاستبداد".
ودعا السراج الدول الغربية والاتحاد الأوروبي لدعم حكومته في تحقيق هذه الرؤية، وطلب من الأمم المتحدة أن تواصل دعمها لتوحيد الليبيين والعمل من أجل التوصل إلى حل سياسي كما فعلت من قبل.
وقال إن الليبيين يتطلعون إلى الغرب وقيمه السياسية والاجتماعية الأساسية، كالحرية والمساواة بين الجميع، داعيا كل الدول التي تتمتع بهذه الحريات أن تتمنى نفس الشيء لليبيا، وطالبا من الدول الأفريقية والاتحاد الأفريقي تقديم دعمه الأخوي لصد الظلم والتمييز.
وأوضح السراج أن "تطلع الليبيين إلى مستقبل لا توجد فيه مخاوف من الاعتقال غير القانوني ولا من التعذيب والقتل خارج القانون -كالذي قام به أعضاء مختلفون من مليشيا حفتر- هو الذي جعلهم يقابلون قوات خليفة حفتر بعزم لا يتزعزع للدفاع عن طرابلس وبمثابرة قوية لتحرير المناطق التي تحاول هذه القوى السيطرة عليها بشكل غير عادل".
وأضاف أن قوات حكومته "حررت كل المناطق كمدينة غريان والمدن الساحلية الغربية سورمان وصبراتة حتى الحدود مع تونس، وتبع ذلك بسرعة تحرير قاعدة الوطية قبل أن تتحول الجهود نحو مناطق جنوب طرابلس ومطارها الدولي مع انتصار سريع آخر للجيش الليبي الحقيقي الوحيد، بتحرير ترهونة وإنهاء التهديد الأخير لعاصمتنا الحبيبة".
وبذلك -يقول السراج- فشلت محاولة انقلاب خليفة حفتر رسميا و"نحن نواصل تكريم أولئك الذين لقوا حتفهم في قضيتنا النبيلة، ثابتين في سعينا من أجل العدالة والمساواة والديمقراطية، ومثل هذا الحكم القمعي لن يرى النور أبدا".
من الدفاع إلى الهجوم
وأكد السراج أن حكومته تحولت من الدفاع إلى الهجوم "ولن نتوقف حتى تعود جميع بقايا هذه المليشيات الشريرة إلى المكان الذي أتت منه، وحتى يُمنح الليبيون الفرصة التي يستحقونها في الازدهار في سياق ديمقراطي".
وحث الأطراف التي "استأجرت حفتر" على أن "تفكر في نواياه وتعارض طبيعته القمعية" وأن "تعيد النظر في الحقائق والتاريخ وألا تتجاهل حقائق جرائم مليشياته المكونة في الغالب من مستضعفين وأطفال وطماعين في المال".
ودعا المواطنين من هذه القوات لإلقاء السلاح والعودة إلى منازلهم وعائلاتهم ودعم ليبيا في المضي إلى الأمام، مؤكدا قدرة ليبيا على التراحم والتسامح والتعافي من هذه الأحداث المؤسفة.
وذكر السراج بالتوقيت الذي انطلق فيه الهجوم على طرابلس، وهي تؤوي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أجل تقديم الدعم وإلهام الثقة في المؤتمر الوطني الذي تقوده الأمم المتحدة، مشيرا إلى أنه رسالة واضحة من اللواء المتقاعد مفادها أنه لم يكن هناك أي نية أبدا للسعي إلى السلام ولا المصالحة ولا السماح للديمقراطية بالبقاء في ليبيا.
كما ذكر بالمبادرة التي أطلقها بتاريخ 16 يونيو/حزيران 2019 والتي كان من شأنها أن تجمع ممثلين من كل ليبيا في إطار منتدى ليبي للعمل من أجل حل سياسي، يبدأ بوضع قواعد دستورية ومبادئ توجيهية مناسبة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة، مقدرا الاستجابة التي حصلت عليها من الليبيين وأعضاء المجتمع الدولي.
وذكر السراج الأمم المتحدة بـ "التزام حكومتنا بالعقوبات المفروضة علينا منذ تأسيسنا" بشهادة المبعوث الخاص السابق غسان سلامة، وذلك رغم دعم بعض البلدان لحفتر بالأسلحة وأنواع أخرى من المساعدة العسكرية لأكثر من أربع سنوات، في انتهاك مباشر لحظر توريد الأسلحة.
الحق في إبرام الاتفاقيات
وأوضح السراج أن هذا كان سببا لأن ترسل حكومته طلبات رسمية في ديسمبر/كانون الثاني 2019 إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيطاليا وتركيا والجزائر "لتفعيل اتفاقياتنا الأمنية المختلفة التي تم أبرمت منذ أن توليت منصبي" مضيفا "أود أن أسلط الضوء على تقديرنا العميق وامتناننا لتركيا التي قامت بخطوات عملية ضد العدوان".
وفي رده على الذين اعترضوا على اتفاق بلاده البحري مع أنقرة، قال السراج إن ليبيا كدولة ذات سيادة تحتفظ بالحق في إبرام أي اتفاقيات مع أي دولة ترغب فيها، خاصة إذا كانت هذه الاتفاقات تتماشى مع القانون الدولي.
وقال إن ليبيا تتمتع أيضا بعلاقة تاريخية طويلة الأمد مع كل من إيطاليا ومالطا، وأنها ترحب بالتعاون المستمر في جميع المسائل ذات الأهمية الاقتصادية والمتعلقة بالأمن البحري على وجه التحديد، مؤكدا أن بلاده لن تنسى تلك الدول التي وقفت مع الشعب الليبي في أصعب الأوقات.
وفي ختام مقاله قال السراج إنه يعتقد جازما أنه "بعد جرائم الحرب الجسيمة التي ارتكبها المعتدي، من واجب المجتمع الدولي ومسؤوليته الكاملة محاسبة أولئك الذين ينتهكون حظر الأسلحة والقانون الإنساني الدولي، لأن الوقت قد حان لرؤية سيادة القانون الدولي واستعادة ثقة ليبيا في مهمة دعم الأمم المتحدة".
وطلب رئيس المجلس الرئاسي من جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بصفته رئيس الحكومة الشرعية والمعترف بها دوليا، دعم بلاده "بأي وسيلة ضرورية ضد أي عدوان إضافي من الكيانات المارقة".