المصدر / وكالات - هيا
يبدو أن خطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الاستحواذ على موارد نفطية شرق المتوسط تواجه المزيد من التعقيد مع لجوء اليونان إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو والأمم المتحدة، خاصة أن المنطقة التي بدأت أنقرة التنقيب فيها عن النفط والغاز تقع ضمن الحدود اليونانية بموجب قانون الملاحة الدولي، الأمر الذي يجعل من التحرك التركي فيها مصدراً للقلق.
وتواصل أنقرة أنشطتها الاعتيادية منذ مطلع شهر آب/أغسطس الماضي، شرق البحر المتوسط في منطقة متنازع عليها مع أثينا، كالتنقيب عن الموارد النفطية أو إجراء تدريباتٍ عسكرية لعناصر من الجيش التركي والتي تبدأ اليوم وتستمر لخمسة أيام، وفق ما أعلن مسؤولون أتراك في وقت سابق.
ورأى محللٌ سياسي مختص بالشؤون الخارجية لتركيا أن "احتمال اندلاع مواجهات عسكرية شرق المتوسط ضعيف"، معززاً هذه الفرضية بالأوضاع الاقتصادية المتدهورة لدى طرفي النزاع، أنقرة وأثينا، ورفض كل من الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو لهذه "المعركة الشاملة"، على حد تعبيره.
وقال المحلل التركي موسى أوزغورلو لـ"العربية.نت"، إن "الحرب لن تندلع شرق المتوسط بين أنقرة وأثينا إلا إذا قررت القوى الكبرى في العالم خوضها"، مضيفاً أن "لا أحد يريد حرباً في هذه المنطقة في الوقت الحالي".
كما شبّه الأزمة التركية ـ اليونانية اليوم، شرق المتوسط بما حصل في قبرص حين اجتاح الجيش التركي هذه الجزيرة قبل عقود وأعلن فيها بعد ذلك عن قيام "جمهورية قبرص التركية" التي لا تحظى إلى اليوم سوى باعتراف أنقرة.
وتابع أن "التوتر الحالي بين الطرفين سيكون مشابهاً لما حدث في قبرص سابقاً، فكل طرف سيعمل على الحصول على موارده النفطية شرق المتوسط مع استمرارهما بالخطاب العدائي المتبادل، وأحياناً قد تحصل مواجهات محدودة بينهما لكنها لن تصل لمستوى حرب شاملة".
وأشار إلى أن "لدى أنقرة وأثينا نزاعات تاريخية في المياه الإقليمية والجزر المأهولة، وقد وصلت الأمور بينهما في الماضي إلى حافة الحرب، لكن ذلك لم يحصل، ومع استكشاف الغاز الطبيعي في المتوسط تحوّلت تلك المشكلة القديمة لأخرى اقتصادية".
ولفت إلى أن "أنقرة تصر على أن الجزر اليونانية بعيدة عن البر اليوناني وقريبة من البر التركي، ولهذا السبب تطالب بمنطقة اقتصادية فيها وحدها، أكبر بكثير من التي تتحدث عنها أثينا، ولذلك نحن أمام مشكلة كبيرة بين البلدين والاتفاقيات الأممية في هذا الصدد ليست واضحة بما يكفي، حتى نحدد إن كان يمكن لأنقرة التنقيب عن الغاز في هذه المنطقة أم لا".
وبحسب المحلل التركي، فإن أنقرة ترفض أن تحدد جزيرة صغيرة مثل "كاستيلوريزو" اليونانية، مصير منطقة اقتصادية ضخمة شرق المتوسط، باعتبار أنها لا تبعد سوى أقل من كيلومترين عن البر التركي.
واعتبر أن مشروع "الوطن الأزرق" الذي يهدف منذ سنوات إلى الهيمنة التركية على كل من بحر إيجة وشرق المتوسط والأسود، خطة "سياسية تتضمن أهدافاً اقتصادية متعلقة بالسيادة وتحمل خطاباً قومياً".
وشدد في هذا الصدد على أن "أنقرة تستبق الأمور وتتجه للتصعيد شرق المتوسط خشية استقرار أثينا في حقول التنقيب عن الغاز في هذه المنطقة، وحينها لن تستطيع أبداً فرض سيادتها عليها".
ويوم أمس السبت، صعّد الرئيس التركي من حدّة كلماته الموجهة ضد اليونان، وهددها بـ"تجارب مؤلمة" وعواقب وخيمة في الميدان أو الحوار.
وقال في كلمة خلال افتتاحه "مدينة طبية" في إسطنبول ونقلها التلفزيون الرسمي: "إن تركيا وشعبها مستعدان لأي سيناريو والنتائج المترتبة عليه".
وجاء ذلك بعدما أفادت وسائل إعلام تركية، السبت، أن أنقرة نقلت دباباتها إلى الحدود مع اليونان.
وبحسب صحيفة "هبرلار"، فإن قافلتي دبابات، انتقلت من ولاية هاتاي الجنوبية مع سوريا، إلى ولاية إدرنة الحدودية مع اليونان.
كما قالت إن الدبابات التي كانت متمركزة في قضاءي الريحانية وكوملو بولاية هاتاي، انتقلت ظهر السبت عبر شاحنات إلى ميناء اسكندرون.
لكن مصادر عسكرية تركية نفت إرسال دبابات نحو اليونان، وقالت إن تحريك الدبابات بولاية "ملاطية" كان مخططاً له من قبل.
ودخلت حليفتا الناتو اليونان وتركيا في مواجهة متوترة في منطقة شرق البحر المتوسط، حيث تجري أنقرة عمليات استكشاف لاحتياطيات الطاقة في قاع البحر في منطقة تزعم أثينا أنها ضمن جرفها القاري.
لكن أنقرة تقول إن لها كل الحق في الاستكشاف والتنقيب هناك، متهمة اليونان بمحاولة الاستيلاء على حصة غير عادلة من الموارد البحرية.
ونتيجة ذلك وُضِعت القوات المسلحة اليونانية في حالة استنفار.