المصدر / وكالات - هيا
زجت أذربيجان بوحدات جديدة من جنودها إلى إقليم قره باغ الذي تحتله أرمينيا، وسط تعثر في الجهود الدبلوماسية لتسوية الأزمة وهشاشة الهدنة التي تم التوصل إليها في موسكو الجمعة الماضية.
ويحظى الجنود الأذريون، الذين يرسلون إلى جبهات القتال، بتفاعل رسمي وشعبي، وسط حماس واضح بين المواطنين الذين يحدوهم الأمل في استعادة أرضهِم المحتلة، وانتهاءِ الصراع المستمر منذ 3 عقود.
ويأتي ذلك رغم الهدنة الهشة التي تم الاتفاق عليها قبل 3 أيام في موسكو، وتهدف إلى السماح للطرفين بتبادل الأسرى ورفات القتلى الذين سقطوا في قتال مستمر منذ أسبوعين.
وتتبادل أذربيجان وأرمينيا الاتهامات بشأن شنّ هجمات جديدة في إقليم ناغورني قره باغ وحوله، مما يزيد الضغوط على الهدنة، ويهدد بعودة القتال العنيف في الإقليم.
وتتهم أذربيجان أرمينيا بخرق الهدنة بعد أقل من 24 ساعة بقصفها مدينة غنجة الأذرية بالصواريخ، مما أسفر عن مقتل 9 مدنيين وإصابة 34 آخرين.
وقال غضنفر أحمدوف مدير الوكالة الوطنية لتطهير أراضي أذربيجان من الألغام إن الصاروخ الذي استهدف المنطقة المدنية بمدينة غنجه من نوع "إلبروس" (Elbrus) باليستي متوسط المدى.
وأوضح، في تصريح صحفي لممثلي البعثات الدبلوماسية الأجنبية في البلاد، الاثنين، أن المعلومات -التي تم الحصول عليها بعد فحص بقايا الصاروخ- تظهر أن الهجوم تم بصاروخ متوسط المدى.
ومن جانب آخر اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أرمينيا بتعريض أمن إمدادات الطاقة في أوروبا للخطر عبر هجومها على غنجة الأذرية، بعد هجومها على منطقة طوفوز الواقعة على خطوط وأنابيب الغاز الطبيعي والنفط.
من جهة أخرى، قال رئيس أذربيجان إلهام علييف إن مجموعة مينسك، التي تشكلت للتوسط في الصراع بقيادة فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، متحيزة، وإنه يتعين مشاركة أنقرة في عملية الحل. ووصف تركيا بأنها قوة عالمية بسبب دورها في سوريا وليبيا وصراعات دولية أخرى.
وأضاف "تركيا عضو أيضا في مجموعة مينسك، لماذا لا تكون من بين القادة المشاركين؟ حتى وإن كانت دول غربية كثيرة لا ترغب في تقبل ذلك، فكلمة تركيا كبيرة وهي مستقلة تماما".
بيد أن الموقف الروسي -من إضافة تركيا لثلاثي الوساطة بمجموعة مينسك (روسيا، الولايات المتحدة، فرنسا) بدا متحفظا، حيث قال وزير الخارجية سيرغي لافروف إنه لا توجد خطة لتغيير طريقة المحادثات وإدخال تركيا فيها.
ورغم ذلك، من الواضح أن التشاور بين روسيا وتركيا بشأن قضية الإقليم مستمر، من خلال الاتصالات المتكررة بين مسؤولي البلدين بشأن أزمة الإقليم.
ويقول متابعون إن دور تركيا لا يمكن تجاوزه خصوصا مع العلاقة الوثيقة التي تربطها بأذربيجان، ومع إصرار الأخيرة على حضور أنقرة في أي طاولة مفاوضات بشأن مستقبل الإقليم.
ومن جانبهم طالب الأوروبيون أنقرة ببذل جهود أكثر لتثبيت وقف إطلاق النار في الإقليم.
وقبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في برلين، حثّ جان أسيلبورن وزير خارجية لوكسمبورغ تركيا على بذل المزيد لإنهاء أحدث اندلاع للصراع الذي بدأ منذ عقود.
وقال أسيلبورن "أعتقد أن الرسالة من لوكسمبورغ ستكون دعوة تركيا، العضو بحلف شمال الأطلسي، للمساعدة على وجه السرعة في ترتيب وقف لإطلاق النار".
الأوضاع على الميدان
ميدانيا أفاد مراسل الجزيرة في أذربيجان بأن تبادلا شديدا للقصف تشهده المناطق الحدودية في محيط إقليم قره باغ، وأكد سقوط عدد كبير من القذائف على مدينة تارتر الأذرية وقراها، وذلك بعد هدوء حذر خيم على المنطقة صباح اليوم.
واتهمت وزارة الدفاع الأذرية الجيش الأرميني بخرق وقف إطلاق النار واستهداف بلدات وقرى تارتَر، أغدام، غوران بوي، أغجابيدي، خلال الليلة الماضية وصباح اليوم، دون الإبلاغ عن وقوع إصابات.
وذكرت أيضا أنّ وَحَدات من الجيش الأرميني حاولت مهاجمة مواقع الجيش في مجموعات صغيرة بجبهة أغدارا- أغدام في الشمال الشرقي من قره باغ، وعند جبهة فوزولي- هادروت جنوبا، وأكدت أنها أوقعت خسائر في صفوفها.
وفي السياق أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأذرية واقف دِرغاهلي أن قوات بلاده ملتزمة تماما باتفاق وقف إطلاق النار، ولا تنفذ هجمات ضد القوات الأرمينية بل تصد فقط الهجمات التي تستهدف مواقع الجيش.
ونقل مراسل الجزيرة عن مصادر عسكرية أرمينية أن الجيش الأذري جدّد قصفه صباح اليوم على المحور الجنوبي الشرقي من الإقليم.
وأضافت هذه المصادر الأرمينية أنّ الوضع على الجبهات الليلةَ الماضية كان متوترا، وأنّ قوات قره باغ صدّت هجمات للقوات الأذرية على المحور الشمالي الشرقي من الإقليم.
وكانت سلطات قره باغ أعلنت مقتل 3 مدنيين في قصف أذربيجاني على مناطق سكنية أمس، ليرتفع عدد الضحايا المدنيين منذ بداية الحرب إلى 31 قتيلا.
كما أكدت ارتفاع حصيلة قتلى القوات الأرمينية إلى 542 عسكريا بعد مقتل 17 في المعارك الدائرة مع أذربيجان.
من جانب آخر، أفاد بهروز ندايي المساعد الأمني والسياسي لمحافظ أردَبيل في إيران أن طائرة مسيرة سقطت داخل أراضي بلاده قرب الحدود الشمالية الغربية مع أذربيجان.
ونقلت مواقع إيرانية عن ندايي قوله إن الحادث لم يتسبب في وقوع أي خسائر، وإن السلطات تتابع الموضوع دون أن يؤكد الجهة التي تعود إليها ملكية هذه الطائرة.
ومن جانب آخر، صرح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، للصحفيين أمس، عقب مشاركته في افتتاح العام الدراسي الجديد للأكاديمية العسكرية في أنقرة، بأن أرمينيا ستدفع الثمن يوما ما أمام التاريخ والقانون الدولي لاستهدافها المدنيين في أذربيجان.
وأكد أن بلاده تتابع عن كثب التطورات في أذربيجان، مضيفا أن "أرمينيا ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ولا تحترم القانون الدولي".
كما كشفت وزارة الدفاع أن أكار قال لنظيره الروسي سيرغي شويغو، في مكالمة هاتفية، الاثنين، إن على القوات الأرمينية الانسحاب على الفور من أراضي أذربيجان التي تحتلها، ووقف الهجمات على المدنيين.
وأضافت الوزارة، في بيان صدر بعد المكالمة، أن أذربيجان لن تنتظر 30 عاما أخرى لحل الصراع، وأن تركيا تدعم هجوم باكو "لاستعادة أراضيها المحتلة“.
وعاد الرئيس الأذري ليكرر دعوته لتركيا -التي أظهرت تأييدا قويا لبلاده منذ بدء القتال- للمشاركة في صنع السلام. وكانت فرنسا وروسيا والولايات المتحدة هي التي تقود جهود الوساطة منذ سنوات.
لقاء روسي أرميني
وقد اجتمع وزير الخارجية الأرميني زوهراب مناتساكانيان مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، واتهم أذربيجان بالعمل على زيادة نفوذ تركيا بالمنطقة واستخدام مرتزقة موالين لأنقرة التي تنفي تلك الاتهامات.
وقال مناتساكانيان متهما أذربيجان بانتهاك الهدنة "نريد وقف إطلاق النار، نريد آلية تحقق على الأرض تحدد المنتهك وتظهر الطرف غير الملتزم بوقف إطلاق النار".
وذكر المسؤول الأرميني أن أذربيجان غير ملتزمة بوقف إطلاق النار في قره باغ، وتقوم بجلب مرتزقة سوريين.
وعاد لافروف ليصرح بأن لقاءه مع نظيره الأرميني سيعزز التعاون المشترك، مضيفا أنه أوصل شكاوى رئيس الوزراء الأرميني بشأن خرق وقف إطلاق النار إلى مجموعة مينسك.
وبشأن الموقف الأوروبي، وقبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في برلين، حثّ وزير خارجية لوكسمبورغ تركيا على بذل المزيد لإنهاء أحدث اندلاع للصراع الذي بدأ منذ عقود.
المصدر : الجزيرة + وكالات