المصدر / وكالات - هيا
لا يكفي اللبنانيين ترّدي أوضاعهم الإقتصادية والمعيشية وعجزهم عن سحب ودائعهم من المصارف، لاسيما "المدَولرة" منها (بالدولار) ، لتُضاف الى أزماتهم المتلاحقة تهريب دولاراتهم إلى سوريا من خلال تهريب مواد أساسية مثل المحروقات والقمح المدعومة من مصرف لبنان وفق سعر الصرف الرسمي لليرة (15.15).
استنزاف احتياطي الدولار
ففي وقت يعاني اللبنانيون من أسوأ أزمة اقتصادية ومالية منذ انتهاء الحرب في أوائل التسعينات، والتي تظهر بشكل كبير من خلال تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار ما يؤدي الى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الاستهلاكية، وبالتالي تراجع قدرتهم الشرائية، يُستنزف الاحتياطي الموجود من الدولارات في المصرف المركزي بسبب ارتفاع فاتورة المواد المستوردة المدعومة من مصرف لبنان وفق سعر الصرف الرسمي ما يفوق حاجة السوق اللبنانية، وهو ما يطرح علامات استفهام حول وجهة هذه المواد الحيوية المستوردة من "دولارات اللبنانيين".
وما يُفاقم معاناة اللبنانيين أن استمرار التهريب سيضع بلدهم تحت سيف عقوبات قانون قيصر، لأنه بات محطة أساسية للالتفاف عليه من أجل دعم النظام السوري، وهو ما سيدفع بالولايات المتحدة الأميركية إلى وضع مصرف لبنان على لائحة العقوبات، لأنه يُساهم من خلال دعمه استيراد مواد أساسية إلى لبنان وفق سعر الصرف الرسمي، مخالفة قانون قيصر، وفي هذا الحالة، ستمتنع دول عديدة من تصدير بضائع إلى لبنان إذا ما تمّ وضع مصرفه المركزي على لائحة العقوبات.
عقوبات على مصرف لبنان
وعليه، لم يستبعد مصدر مطّلع لـ"العربية.نت" "أن تفرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على مصرف لبنان إذا استمرّ بدعم المحروقات وفق سعر الصرف الرسمي والتي يُهرّب قسم كبير منها الى سوريا في خرق واضح لقانون قيصر".
وفي وقت يخضع لبنان لقرار الإغلاق الذي خففت إجراءاته مؤخراً، كان لافتاً استمرار عبور الصهاريج التي تُهرّب المحروقات من لبنان إلى سوريا، وهو ما يُشكّل خرقاً لقانون قيصر الذي يمنع أي تعامل مع النظام السوري تحت أي عنوان.
وأشار المصدر إلى "أن مصرف لبنان دفع حتى شهر سبتمبر/أيلول 2020 نحو مليارين و300 مليون دولار لاستيراد المحروقات وفق سعر صرف الليرة الرسمي، ما يفوق حاجة السوق اللبنانية. وهذا إن دلّ على شيء فإلى حجم التهريب إلى سوريا".
تحذير سابق
يذكر أنه في نهاية العام 2019، زار وفد من وزارة الخزانة الأميركية لبنان واجتمع بالقائمين على البنك المركزي وأبلغهم ضرورة وقف دعم المحروقات وفق سعر الصرف الرسمي، لأنها تُهرّب بمعظمها إلى سوريا، ما يُعتبر خرقاً لقانون قيصر.
وشدد الوفد في حينه على أهمية وقف الدعم بالطريقة التي يجري فيها استبدال هذا الدعم، بدعم نقدي مباشر للعائلات الأكثر فقراً. فمن شأن ذلك بحسب المصدر المطلّع "إبعاد كأس" عقوبات قيصر عن مصرف لبنان، لأنه يدعم استيراد المحروقات في وقت تُهرّب إلى سوريا.
ظل قيصر
وفي الإطار، اكتفى مصدر مصرفي بالتشديد لـ"العربية.نت" على "ضرورة ترشيد دعم الوقود ومواد أساسية أخرى، من أجل المحافظة على ما تبقّى من أموال اللبنانيين".
كذلك، قال مصدر من داخل فريق قيصر لـ"العربية.نت" "إننا نعمل مع الإدارة الأميركية الجديدة من أجل تطبيق كامل بنود قانون قيصر لجهة معاقبة كل كيان أو فرد يعمل لمصلحة النظام السوري، وهم موافقون على ذلك وبحرفية".
حزب الله والتهريب
من جهته، أسف عضو كتلة "القوات اللبنانية" البرلمانية، النائب زياد حواط لـ"العربية.نت" "لأن لا قرار سياسياً بضبط الحدود بين لبنان وسوريا وإغلاق المعابر غير الشرعية".
كما أضاف " التهريب يُشكّل أحد الأعمدة الاقتصادية لمن هو الوصي على القرار السياسي في لبنان، أي حزب الله"، معتبراً "أن لبنان لا يُمكنه أن يستمرّ بدعم اقتصادين، المحلي والسوري، لاسيما وأننا على مشارف وقف دعم مصرف لبنان للمواد الأساسية من ضمنها المحروقات".
واقترح "ترشيد الدعم وتحديد الأسر الأكثر حاجةً للاستفادة من الدعم بالإضافة الى ضرورة اتّخاذ قرار سياسي بضبط الحدود بين البلدين".
كما تحدّث حواط الذي سبق وقدّم إخباراً أمام القضاء اللبناني ضد المهرّبين، عن نحو مئتي مليون دولار تُهرّب شهرياً إلى سوريا من خلال البضائع المدعومة من مصرف لبنان وفق سعر الصرف الرسمي لليرة (15.15) في وقت يُحرم اللبنانيون من الحصول على دولاراتهم في المصارف".