المصدر / وكالات - هيا
لا شك أن أبريل 2019 شهر لن يغيب عن بال أي سوداني مهما طال الزمن، ففي ذاك الشهر عزل الرئيس عمر البشير بعد سنوات طوال من الحكم.
وكانت قناة العربية كشفت العام الماضي في وثائقي من عدة حلقات أسرار سقوط البشير وحكم الاخوان في البلاد.
وفي تصريحات حديثة اليوم الخميس، كشف قائد عسكري سوداني رفيع بدوره تفاصيل عن الساعات الأخيرة لنظام البشير، وأسرار مجزرة فض الاعتصام أمام القيادة العامة، في 3 يونيو 2019.
وقال الفريق عبد الرحيم حمدان دقلو، نائب رئيس "قوات الدعم السريع"، في مقابلة مع "الشرق الأوسط"، إنه مع اشتداد الثورة، في 6 أبريل 2019 قرر القادة العسكريون تنحية البشير، وكلفوا رئيس جهاز الأمن الأسبق صلاح عبد الله قوش، إبلاغه القرار، لكن الرجل رفض وأبلغهم بأنه "لن يخون الرئيس"، ثم اضطر لقبول الأمر، "لأن الخيار أمامه هو السجن مع البشير" إذا لم يفعل.
مجزرة فض الاعتصام
كما أضاف أن شقيقه قائد الدعم السريع، محمد حمدان (الملقب بحميدتي)، اقترح أن يتولى قوش الرئاسة، لكن نائب رئيس جهاز الأمن جلال الشيخ اعترض قبل الاتفاق على شخص عبد الفتاح البرهان.
ونفى دقلو ضلوع قواته بشكل قصدي في عملية فض الاعتصام، مشيراً إلى أن القوات التي تحمل علامات الدعم السريع، تم إشراكها في فض الاعتصام من دون علم قيادة القوات. وقال: اعتصام 6 أبريل منع انقلاب الإسلاميين الذي خططوا له في اليوم نفسه.
ووفقاً لإفادته، ذهب ومعه صلاح قوش مساء يوم 6 أبريل إلى البشير، فوجد معه كلاً من عبد الرحيم محمد حسين (وزير الدفاع السابق)، وأحمد هارون (نائب الرئيس)، وكان حسين يسب وزير الدفاع ابن عوف ويصفه بـالفاشل لأنه سمح بدخول المتظاهرين إلى الساحة التي تحيط بالقيادة، وكان ذلك بحضور الرئيس. وقال دقلو: لم أتمالك نفسي، وانفجرت غاضباً، وقلت له لا داعي لهذا الحديث الفارغ، هذا يوم الحكمة لمعالجة مشكلة المواطنين في الشارع.
"اقتلوهم"
أما عن لقاء "حميدتي والبشير" وأوامر الأخير بقتل المحتجين، فقال "عاد حميدتي من دارفور يوم 8 أبريل، أي بعد يومين من بدء الاعتصام أمام قيادة الجيش. ومساء ذات اليوم تلقيت اتصالاً من قائد قوتنا التي كانت تحاصر مقر حزب المؤتمر الوطني (حزب البشير) بالخرطوم، وأبلغني أن البشير يريد دخول المقر، هل نسمح له أم نوقفه؟ فأمرته بالسماح له، مع الحرص على محاصرة المكان"
وتابع راويا تلك اللحظات :"في 9 أبريل ذهبت ومعي القائد حميدتي لمقابلة البشير، فوجدناه في أشد حالات الغضب، وحين سأله حميدتي عن الحل رد: اقتلوهم، فهناك فتوى تبيح قتل ثلث الشعب، بل فتوى أكثر تشدداً تبيح قتل نصفهم، ليعيش الباقون".
كما أضاف: "استعذنا بالله في دواخلنا من ثقل مثل هذا القول، وبعد أن خرجنا اتفقنا على حماية المتظاهرين، لكننا لم نقرر تسلم السلطة، بل تركنا الأمر للجيش أو الأمن أو من يتحرك أولاً، مع تأكيد أهمية وجودنا لحماية المعتصمين".
يذكر أنه فجر الـ 11 من أبريل 2019 أعلن المجلس العسكري عزل البشير واعتقاله، بعد أن حكم البلاد بقبضة من حديد على مدى 30 عاماً.
وأتى سقوط الرئيس في حينه بعد أشهر من ضغوطات شعبية ومظاهرات منددة بسياساته الاقتصادية والاجتماعية ونظامه، داعية إلى رحيله.