المصدر / وكالات - هيا
رسمت مصر خطّاً أحمر في ليبيا واعتبرت أن تخطّي تركيا وحلفائها خط سرت- الجفرة هو تهديد للأمن القومي المصري ويستدعي تدخلاً مباشراً.
من حينه لم يحاول أي طرف تخطّي خطوط السيطرة وتغيّرت أمور كثيرة في الواجهة الليبية، وصارت هناك حكومة انتقالية جديدة وعمل للوصول إلى انتخابات آخر العام لإنتاج شرعية جديدة.
الهدف الأميركي
يبدي الأميركيين تفاؤلاً كبيراً مثل باقي الأطراف الدولية، كما تبدو واشنطن على تفاهم مع الأوروبيين حول ما تريد الوصول إليه.
مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية تحدّث إلى العربية.نت وشدّد على أن الهدف النهائي للولايات المتحدة هو "ليبيا ذات سيادة، مستقرة وموحدة وآمنة بدون تدخلات أجنبية وقادرة على مكافحة الإرهاب"، وأشار إلى أن "الولايات المتحدة تعطي الأولوية لإيجاد حلّ سياسي شامل يتمّ التفاوض عليه لإنهاء الصراع ويؤكد السيادة الليبية".
التحدّي الأكبر الذي تواجهه السياسة الأميركية في تحقيق أهدافها المعلنة هو أنها غير موجودة في الميدان، فيما كل الأطراف، من أصدقاء ومنافسين وأعداء لهم حضور ضخم وتحالفات وموطئ قدم في ليبيا.
المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية قال لـ العربية.نت في تصريحات رسمية لكنه طلب عدم ذكر اسمه، إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن ورئيس الحكومة الليبية الدبيبة "أكدا على الحاجة لخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا دون تأخير"، وأضاف المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية "أن الولايات المتحدة تعارض كل التدخلات الأجنبية في ليبيا وندعم وقف إطلاق النار المعلن في 23 أكتوبر بما في ذلك انسحاب كل المقاتلين الأجانب والمرتزقة وكان يجب أن يخرجوا في الأشهر الثلاثة الأولى بعد الاتفاق".
روسيا هناك
هذا الكلام الرسمي، يكشف هشاشة الموقف الأميركي، حيث لا يبدو أن لواشنطن أي وسيلة ضغط تمارسها على الأطراف لتحقيق أهدافها، أما الأطراف الأخرى، فتدلي بتصريحات إيجابية وتتمسك بمصالحها وأهدافها في ليبيا.
دبلوماسي أجنبي تحدّث إلى العربية.نت وقال إن الشيء الوحيد الذي تغيّر هو التصريحات وأشار إلى أن روسيا عادت إلى ليبيا، لأن الرئيس فلاديمير بوتين يريد العودة إلى قاعدة فقدها مع سقوط نظام العقيد معمر القذافي، "ولن يغادر الروس ليبيا".
ما يؤرق الأميركيين أن روسيا عادت إلى ليبيا وهي تشغل الآن أراضي، وتبني قواعد لها وتمدّ نفوذها العسكري والأمني والسياسي في بلد يقع جنوب دول الأطلسي، وبدلاً من أن يحتوي الأميركيون والأطلسي روسيا، تبرز روسيا لهم في الجنوب وتعمل على احتوائهم.
يعتبر الأميركيون أيضاً أن الحضور الروسي هو حضور مزعزع للاستقرار وقال المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية لـ العربية.نت "إن تدخّل روسيا في ليبيا يثير قلقاً خاصاً للولايات المتحدة" واعتبر أن هناك ضرورة لخروج قوات المرتزقة الروسية وكذلك القوات التركية وكل المرتزقة.
المشاكل التركية
لكن الأميركيين يعطون الانطباع أن تركيا تسببت بتعقيدات كبيرة لتدخّلها في ليبيا لكنها "توازن" الحضور الروسي، كما يوحون بأنهم يريدون استغلال هذا التدخّل الذي لم يرضوا عنه، ويبدو الأميركيون خاضعين لمعادلة أجبرتهم عليها أنقره، وهي ربط الانسحاب التركي بالانسحاب الروسي.
مشكلة الأميركيين مع هذه المعادلة ومع التصرفات التركية أكثر تعقيداً "من معادلة تركيا مقابل روسيا" فتركيا تسببت بمشاكل كبيرة من خلال تدخلها مع أعضاء آخرين في حلف الأطلسي، وفي مقدمتهم فرنسا وإيطاليا بالإضافة إلى اليونان، كما أن تركيا وعلى رغم التصريحات الإيجابية، لم تعمل على سحب قواتها أو المرتزقة الذين جلبتهم إلى ليبيا.
يكرر المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية في تصريحاته لـ العربية.نت أن "وزير الخارجية بلينكن أكد في اتصال الشهر الماضي مع رئيس الحكومة الدبيبة على أهمية إنهاء النزاع من خلال مسار سياسي ليبي شامل برعاية الأمم المتحدة وأن يتمّ توفير الخدمات وضمان إجراء انتخابات حرة وعادلة ولها مصداقية في شهر ديسمبر".
ويحتاج كل هذا إلى توافق بين أصحاب المصالح، وأن تحدث الأمور، ويتمّ تنفيذ خارطة الطريق بدون خضات سياسية وأمنية، وإن حدثت فستعاني الولايات المتحدة من المضاعفات من دون أن يكون لديها النفوذ.