المصدر / وكالات - هيا
طالب مجلس تحرير وول ستريت جورنال في افتتاحية الصحيفة أمس الاثنين بعدم ترك الرئيس جو بايدن يتحدث في القضايا شديدة الأهمية إلا إذا كان يقرأ نصا مكتوبا لا يخرج عنه، خاصة في أوقات الأزمات الدولية التي ترتبط بأسلحة الدمار الشامل بصورة أو بأخرى.
وارتكب الرئيس بايدن خطأ كبيرا أثناء رحلته الأوروبية يوم السبت الماضي حيث قال في ختام خطابه الهام من قلب العاصمة البولندية وارسو "من أجل الله، لا يمكن لهذا الرجل البقاء في السلطة"، في إشارة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واستدعى ذلك تدخل البيت الأبيض بعد دقائق ليوضح أن واشنطن لا تسعى لتغيير النظام داخل روسيا".
ومع عدم وجود ضرورات دستورية يضطر معها الرئيس للإدلاء بتصريحات أو ألقاء خطابات، زادت المطالبة بتوقف بايدن عن التحدث أمام الجماهير أو عقد مؤتمرات صحفية.
سجل خطير من الهفوات
قبل شهرين ألمح بايدن في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض إلى أن "توغلا بسيطا" من قبل روسيا في أوكرانيا قد يكون مقبولا للولايات المتحدة وحلفائها.
وخلال زيارته الأوربية، رد بايدن على سؤال حول طبيعة رد الفعل الأميركي حال لجوء الجيش الروسي لاستخدام أسلحة كيميائية في حربها في أوكرانيا، بالقول إن "الولايات المتحدة وحلف الناتو سيردان بالمثل"، في إشارة إلى استخدام الأسلحة الكيميائية ضد روسيا.
واستدعى ذلك أن يسارع جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، لينفي ما ذكره بايدن، ويقول "إننا سنختار شكل وطبيعة ردنا بناء على طبيعة الإجراء الذي تتخذه روسيا، وسنفعل ذلك بالتنسيق مع حلفائنا، وقد أبلغنا الروس، كما قال الرئيس علنا قبل أسبوعين، أنه سيكون هناك ثمن باهظ إذا استخدمت روسيا الأسلحة الكيميائية".
ثم ارتكب بايدن خطأ ثانيا أثناء لقائه مع القوات الأميركية المتمركزة في بولندا عندما ألمح إلى أنهم سيتوجهون إلى أوكرانيا، حين قال بايدن لبعض الجنود يوم الجمعة الماضية إنهم سيشهدون الشجاعة الأوكرانية "عندما يصلون إلى هناك".
ورأي معلقون أن موقف واشنطن من حرب أوكرانيا كان شديد الوضوح قبل رحلة بايدن الأوروبية، إذ اعتمد موقف واشنطن على 3 نقاط أساسية:
– أولها مساعدة الأوكرانيين
– ثانيها معاقبة الروس
– ثالثها، السعي لتجنب السيناريوهات التي يمكن فيها جر قوات الناتو إلى الصراع
خطورة كلمات الرئيس
أثارت كلمات بايدن صدمة عند الحلفاء الأوروبيين، وطرحت أسئلة عما إذا كان بايدن يعلن عن تغيير كبير في السياسة الخارجية بدعوته إلى تغيير النظام في روسيا، فبايدن هو في النهاية القائد الأعلى للقوات المسلحة، تأخذ كلماته على محمل الجد.
ويعد الرئيس الأميركي صاحب أقوى منصب في العالم، وكلماته مهمة، ومن تبعات هفوات بايدن أنه قد لا يمكن الوثوق بأي شيء يخرج عن الرئيس الأميركي مستقبلا.
ويدرك بايدن أهمية كلمات الرئيس جيدا، فخلال حملته الرئاسية عام 2020، دأب المرشح بايدن حينذاك على تذكير الجمهور بالوزن الثقيل الذي يمكن أن تحمله كلمات الرئيس الأميركي، في إطار انتقاده لخروج الرئيس دونالد ترامب عن النص، واستخدام عبارات أو جمل غير مناسبة وغير لائقة.
وقال بايدن إن "كلمات الرئيس مهمة، فهي قد تحرك أسواق المال، ويمكن أن ترسل رجالنا ونساءنا الشجعان إلى الحرب، كما يمكنها جلب السلام".
هاجم الجمهوريون هفوات بايدن، واعتبر السيناتور روب بورتمان في لقاء مع برنامج قابل الصحافة على شبكة إن بي سي NBC، أن تعليق بايدن سيصبح قريبا جزءا من حملة التضليل الروسية حول غزو أوكرانيا.
وقال بورتمان "أولا، أعتقد أننا جميعا نعتقد أن العالم سيكون مكانا أفضل دون فلاديمير بوتين. ولكن، ثانيا، هذه ليست السياسة الرسمية للولايات المتحدة. وبالقول إن تغيير النظام هو إستراتيجيتنا في نهاية المطاف، فإنه يصب في مصلحة الدعاية الروسية ويلعب في مصلحة فلاديمير بوتين".
وفي حديث مع شبكة سي إن إن CNN، نصح السيناتور جيم ريش، العضو الجمهوري من ولاية أيداهو، بايدن بـ3 كلمات هي "ابق على النص".
من جانبه، حذر الرئيس السابق دونالد ترامب من أن الرئيس جو بايدن يخاطر باستفزاز فلاديمير بوتين، مما قد يدفعه لاستخدام الأسلحة النووية للدفاع عن نفسه ضد دعوة بايدن لتغيير النظام في روسيا.
وقال ترامب في لقاء مع شبكة نيوزماكس الإخبارية إن "ما قاله بايدن يميل إلى جعل الدكتاتوريين يستخدمون القوة المميتة، إن لم يكن الأسلحة النووية للدفاع عن أنفسهم".
وعلى النقيض بررت جوليانا سميث، السفيرة الأميركية لدى حلف الناتو، هفوة بايدن، وقالت إنه عانى من "رد فعل إنساني مبدئي بعد أن أمضى معظم اليوم في الاجتماع مع اللاجئين الأوكرانيين في بولندا وسماع كيف اضطروا إلى الفرار من منازلهم بسبب الغزو الروسي".
وأضافت السفيرة في ظهور لها مع شبكة سي إن إن "لقد أمضى الرئيس اليوم في زيارة مع اللاجئين الأوكرانيين. ذهب إلى الملعب الوطني في وارسو والتقى حرفيا بمئات الأوكرانيين. لقد سمع قصصهم البطولية أثناء فرارهم من أوكرانيا في أعقاب حرب روسيا الوحشية في أوكرانيا".
قبل نهاية ديسمبر/ كانون الثاني الماضي، أكد البيت الأبيض عزم الرئيس بايدن على الترشح لفترة ثانية في الانتخابات الرئاسية لعام 2024. ويسبب ذلك الكثير من القلق بين الديمقراطيين، حيث يرجع بعض الخبراء تكرار هفوات بايدن إلى كبر سنه البالغ 79 عاما، وتراجع صحته العامة.
من جهته، قال هاري كازيناس، مدير مؤسسة المصلحة الوطنية، "إنه لا يوجد شيء يمكن أن يكون أكثر خطورة من شك العالم في موقف أميركا أو أن يشكك في سياساتها بشأن مسائل الحرب والسلام بسبب هفوات الرئيس".
واعتبر كازيناس أن الحقيقة هي أنه يتعين علينا العيش مع بايدن كرئيس للولايات المتحدة لمدة 3 سنوات أخرى، في وقت لا يمكن دعوته للاستقالة حيث إن نائبته كامالا هاريس ليس لديها أي قدرة على ملء مكان الرئيس.
ولم تكن هفوة بايدن وتبعاتها هي أسوء ما تعرض له الرئيس الأميركي خلال الأيام الأخيرة، فقد أظهر استطلاع حديث أجرته شبكة إن بي سي NBC الشهر الجاري، وصول شعبية بايدن إلى مستوى منخفض جديد.
وانخفضت نسبة التأييد الإجمالية لبايدن إلى 40%، ولم يوافق 55% من المستطلعين على أدائه كرئيس.
ووجد الاستطلاع أن 7 من كل 10 أميركيين شملهم الاستطلاع الجديد أعربوا عن ثقة منخفضة في قدرة بايدن على التعامل مع الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا ودول حلف الناتو.