المصدر / وكالات - هيا
رغم التصريحات المتفائلة في إسرائيل ولبنان حول احتمال التوصل قريبا إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين، إلا أنه قد تنشأ عقبة إسرائيلية داخلية أمام التوصل لاتفاق بهذا الخصوص، إثر محاولات المعارضة بقيادة بنيامين نتنياهو، منع توقيع إسرائيل على الاتفاق.
وذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الجمعة، أنه في الحكومة الإسرائيلية يعون إمكانية أن تحاول المعارضة عرقلة المصادقة على الاتفاق. وهاجم نتنياهو رئيس الحكومة، يائير لبيد، على ما وصفها بتنازلات يعتزم لبيد تقديمها لصالح حزب الله في قضية الغاز.
وأضافت الصحيفة أن جهات في المعارضة بدأت تتحدث عن تنظيم احتجاجات قرب منزل لبيد في تل أبيب، ضد توقيع الاتفاق، ويرجح أن يتم تقديم التماسات إلى المحكمة العليا، في محاولة "ضعيفة" للمطالبة بطرح الاتفاق في استفتاء شعبي.
إلا أن محاولات المعارضة الإسرائيلية ليست العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى الاتفاق، إذا أن الجانبين لم يتوصلات حتى الآن إلى تفاهمات كاملة حول ترسيم الحدود البحرية من خلال المفاوضات بينهما بوساطة أميركية يقودها المبعوث الخاص، آموس هوكستاين.
في هذه الأثناء، طلبت شركة "إنرجيان" البريطانية، التي تملك الامتياز بالتنقيب عن الغاز من حقل "كاريش" الذي تسيطر إسرائيل عليه، البدء باستخراج الغاز في منتصف تشرين الأول/أكتوبر المقبل. وبدأت الشركة تستعد لضخ غاز معاكس، من الساحل إلى منصة "كاريش"، قبل أن تبدأ بضخه إلى الساحل.
ويتوقع أن يقدم هوكستاين مقترحا خطيا نهائيا إلى الجانبين في الأيام القريبة، بعد أن استعرض أفكاره بهذا الخصوص شفهيا أمام إسرائيل ولبنان قبل عدة أسابيع.
ومن المقرر أن يجتمع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، يوم الخميس المقبل، وربما قبل يوم الغفران، الذي يبدأ مساء الثلاثاء ويستمر حتى مساء الأربعاء.
ووصفت الصحيفة الأجواء العامة بـ"التفاؤل الحذر"، خلافا للأجواء القلقة في أشهر الصيف وبعد إطلاق حزب الله طائرات مسيرة باتجاه منصة "كاريش. واعتبرت الصحيفة أن تهديدات أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، باتت أقل من السابق. "وثمة من يرى في أقواله مؤشرات مشجعة للموافقة على التسوية، إذا تحققت، بالرغم من محاولاته تحقيق مكاسب لنفسه من إنجازات لبنان في المفاوضات".
ويستند المقترح الأميركي إلى الخط البحري 23 في المنطقة المتنازع عليها بين إسرائيل ولبنان، ويقع هذا الخط إلى الشمال من الحدود التي طالبت لبنان بها، بحسب الصحيفة. ويقع حقل "كاريش" جنوب غرب هذا الخط، ما يعني أنه سيبقى تحت سيطرة إسرائيلية مطلقة.
ويضيف المقترح الأميركي أن يتم تسليم حقل الغاز "قانا" إلى لبنان، لكن الصحيفة أشارت إلى أنه من الجائز أن تحصل إسرائيل على تعويض مقابل استخدام لبنان لجزء من هذا الحقل بادعاء أنه يقع في "المنطقة الإسرائيلية".
وطرح الوسيط الأميركي مقترحا آخر، مؤخرا، ووافقت إسرائيل عليه. ويقضي هذا المقترح ألا يحسم الاتفاق بترسيم الحدود عند خط الشاطئ، وأن تبقى هذه القضية مفتوحة، وأن يبدأ ترسيم الحدود في مسافة تبعد عدة عشرات الأمتار إلى الغرب من الشاطئ.
واعتبرت الصحيفة في هذا الصدد أن "إسرائيل تقدم هنا تنازلا تكتيكيا محسوبا، وتتوقع أن تحقق مكسبا إستراتيجيا"، لأن ترسيم الحدود سيسمح للبنان بأن تبدأ باستغلال موارد الغاز في منطقتها البحرية. "والاقتصاد اللبنان بحاجة إلى حقنة التشجيع هذه، وفي إسرائيل يأملون بأن وجود منصتين (لحقلي الغاز) الواحدة مقابل الأخرى سيشكل عاملا لاجما في الجبهة الشمالية لسنوات طويلة".
إلا أن الصحيفة حذرت من أن "هذا الرهان لا يخلو من مخاطر، ولسببين". السبب الأول هو أن إبقاء الشاطئ من حسم واضح "قد يسمح لحزب الله باستغلال الخلاف من أجل تصعيد مستقبلي، مثلما بإمكانه أن يفعل أيضا بالنسبة لـ13 نقطة خلاف ما زالت باقية على طول الحدود البرية، وذلك إضافة إلى النقاش حول السيطرة على مزارع شبعا".
والسبب الثاني هو أن "نظرية الردع المتبادل تستند إلى فرضية أن اللبنانيين، وبضمنهم حزب الله، سيقتنعون بجدية بأن إسرائيل سترد بتدمير منصتهم إذا حاول حزب الله استهداف أحد حقول الغاز التابعة لها. لكن دولة ليست مثل منظمة إرهابية ومن الجائز أنه قبل أن تعمل، ستضطر إسرائيل أن تأخذ بالحسبان موقف المجتمع الدولي. وبكلمات أخرى، حزب الله يجب أن يكون مقتنعا بأن إسرائيل مستعدة للعمل بأسلوب ’صاحب البيت جُنّ’ كي يكون الردع موثوقا فعلا".