المصدر / وكالات
ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للحديث علناً عن أن العمليات الفلسطينية قد انحسرت على نحو ملموس في الفترة الأخيرة، كان إيجازاً قدمه ضابط كبير في المخابرات الإسرائيلية "الشاباك" للحكومة الإسرائيلية.
وجاء في الإيجاز أن العمليات الفلسطينية سجلت تراجعاً كبيراً، لاسيما في الأسابيع الأخيرة، حيث تراجعت إلى نحو 20 عملية في مارس الماضي مقابل 78 عملية في أكتوبر من العام الماضي مثلاً، ولهذا سارع نتنياهو لاستخدام هذه المعطيات لتسويق نجاح أمني في كسر شوكة "انتفاضة الأفراد" كان الغائب الأبرز خلال الستة أشهر الماضية من عمرها، وعزا ذلك إلى الإجراءات الأمنية الهجومية والدفاعية الصارمة التي اعتمدتها القوات الإسرائيلية في مواجهة ما وصفه بالعمليات "الإرهابية" الفلسطينية ومحاربة ما وصفه بالتحريض الفلسطيني على العنف.
نتنياهو الذي لم يعترف بمسؤوليته عن اندلاع هذه الانتفاضة أغفل عمداً عنصر التنسيق الأمني مع الأجهزة الفلسطينية، والذي لعب دوراً في التراجع النسبي للعمليات، كونه لا يستقيم واتهاماته المتكررة للسلطة الفلسطينية ورئيسها بالتحريض على العنف، وتجاهل أن المستوى الأمني كما العسكري يشير إلى أن انسداد الأفق السياسي واستشراء اليأس في صفوف الفلسطينيين لعب إلى جانب أبعاد دينية وأخرى شخصية دوراً في تنفيذ عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار على مدى الشهور الماضية.
محك وشيك
مفاخرة نتنياهو بأن سياسته الصارمة تكاد تنهي انتفاضة الأفراد الفلسطينية، قد تخضع لاختبار وشيك، ومن هنا أبقى نتنياهو الباب موارباً أمام احتمال أن تشتعل الأمور مجدداً قريباً، وأن تستبدل مؤشرات التراجع بمعطيات تصعيد، فخلال أيام يصادف عيد الفصح اليهودي، وعادة ما تتحول المناسبات الدينية اليهودية إلى محفز للتصعيد، خاصة فيما يتعلق بالحرم القدسي الشريف، حيث تفتح إسرائيل الأبواب أمام اقتحام مئات المتطرفين اليهود يومياً لباحات المسجد الأقصى، ويتخلل ذلك ارتفاع في منسوب التوتر يبقى قادراً على تفجير الوضع، علماً أن انتفاضة الأفراد الراهنة كانت بدأت على خلفية الخشية الفلسطينية من نوايا إسرائيل تقسيم الحرم القدسي زمانياً (وهو حاصل فعلاً بزيارات يومية لليهود) ومكانها كما حدث في الحرم الإبراهيمي في الخليل، وفي دلالة على التخوف الإسرائيلي من تبعات المناسبة الدينية المقتربة سارعت الحكومة الإسرائيلية للتحذير مسبقاً من أن الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر ورئيسها رائد صلاح، تحرض على العنف وتسعى لتفجير الوضع في الأقصى قريباً، على الرغم من أن إسرائيل أخرجت الحركة على القانون وتلاحق قادتها سجناً ومحاكمات.
خطر الدولة الفلسطينية
كما سبق أن أشارت "العربية.نت"، مرات عدة، فإن قلق إسرائيل ورئيس وزرائها تحديداً، يكمن في أن العلاقة الشخصية السيئة مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد تترجم لدعم أميركي لمشروع قرار في مجلس الأمن يعترف بدولة فلسطينية خلافاً لموقف إسرائيل، وهو ما تعزز بالتسريبات المقصودة لصحيفة "الواشنطن بوست" بأن الرئيس الأميركي محبط للغاية من الوضع الراهن، وعلى الرغم من إقراره علناً بأن الحل النهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي لن يكون ممكناً فيما تبقى من أشهر على ولايته الثانية، قد يبادر لاستصدار قرار من مجلس الأمن يعترف بحل الدولتين، وهو ما يفسر، ربما، التراجع الفلسطيني عن تقديم مشروع قانون لمجلس الأمن يعترف بدولة فلسطينية خلال عام في حال تعذر التوصل لاتفاق لتجنب استخدام واشنطن للفيتو في منعه، ويقابل التلويح الأميركي المتكرر بإمكان استصدار قرار "الدولة الفلسطينية" أو دعم مشروع قرار أوروبي بهذا الاتجاه، بإحباط إسرائيلي، لاستمرار التعاطي مع الملف الفلسطيني دولياً على الرغم من الوضع المتفجر في المنطقة.