المصدر / وكالات
ركزت جل الصحف البريطانية اليوم على الاستفتاء المقرر يوم الخميس المقبل بشأن بقاء أو خروجبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكانت معظم المقالات والافتتاحيات تميل إلى البقاء ضمن الاتحاد، شارحة أسباب ذلك في مقابل الداعين للخروج.
فقد وصفت افتتاحية غارديان التعبئة للاستفتاء بأنها كانت في غاية الصرامة وعدم التوازن، وأشارت إلى إمكانية معالجة كل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بشكل فعال من خلال التعاون، وأن إيجاد عالم أفضل يعني العمل الجماعي عبر الحدود وليس الاحتماء وراءها، وأن العزلة لن تحل شيئا، وهذا في الأساس هو السبب في أن بريطانيا يجب أن تصوت للبقاء في النادي الذي يمثل النموذج الأكثر تقدما للتعاون عبر الحدود.
وأشارت الصحيفة إلى ضرورة تذكر التاريخ بأن أوروبا هي التي كونت وشكلت بريطانيا، وأنها دولة أوروبية بالمصطلح التاريخي والثقافي والجغرافي والتجاري، وفي كل جيل تقريبا من التاريخ الأوروبي حتى السبعين سنة الماضية قاتل أناس وقتلوا من هذه الجزر في الحروب الأوروبية، ومن ثم فإن إدارة ظهورنا لكل هذا لا يليق بتقاليد بريطانيا.
وأردفت الصحيفة أن هذا لا يعني أنه لا يوجد خلل في الطريقة التي تشكل وتقاد بها أوروبا، وأوضحت أن الاتحاد الأوروبي هو اتحاد أمم تعمل معا، وليس ولن يكون "ولايات متحدة أوروبية"، ومن ثم لا بد لقيادته أن تعتمد على القيادة المنقوصة من كل هذه البلدان.
وختمت بأن الاتحاد الأوروبي ليس فقط أقل شرا من الخيارات المتاحة، بل إنه أيضا الخيار الذي يجسد أفضل ما فينا كشعب حر في أوروبا السلمية، ومن ثم يجب التصويت بالبقاء من أجل بلد موحد يمد يده إلى العالم والتصويت ضد أمة منقسمة منغلقة على نفسها.
|
توقع بتراجع كبير للجنيه الإسترليني إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (الأوروبية) |
وفي صحيفة غارديان أيضا، حذر رجل الأعمال والملياردير الشهير جورج سوروس من أن تصويت البريطانيين لمغادرة الاتحاد الأوروبي سيفجر شرارة تراجع أكبر وأشد تدميرا للجنيه الإسترليني من الانخفاض الذي حدث في ما عرف "بالأربعاء الأسود"، وأخرج المملكة المتحدة من آلية سعر الصرفالأوروبية عام 1992.
وتوقع سوروس أن يكون تراجع الإسترليني أكبر وأكثر تخريبا من تراجع عام 1992، الذي بلغ 15%، وقد يكون أكثر من 20%. وبين أن بنك إنجلترا المركزي سيخفض أسعار الفائدة إذا خرجت بريطانيا، وأن أدوات السياسة النقدية المتبقية لتخفيف الركود الاقتصادي أو تراجع أسعار المنازل البريطانية ستكون قليلة.
أما مقال صحيفة فايننشال تايمز فقد أشار إلى أن مقتل النائبة البريطانية جو كوكس، المؤيدة بحماسة لبقاء بريطانيا في عضوية الاتحاد الأوروبي، قبيل الاستفتاء سيخيم بظلاله على النتيجة مهما كانت، وأن مقتلها كان عملا شريرا لا يمكن إلقاء لومه على حملة المغادرة، لكنه احتل مكانه على خلفية عملية الاستفتاء التي تتزايد حدتها مع اقتراب الموعد يوم الخميس المقبل.
وأشار الكاتب غيديون راشمان إلى أن بعض أسباب تأييده بقاء بريطانيا في الاتحاد عملية وعاطفية وسياسية واقتصادية، وأفاض في ذكر هذه الأسباب، وخلص إلى وجود نوع من الانقسام والغضب داخل مجتمع الديمقراطيات الأوروبية ليس فقط لا لزوم له، بل هو أيضا خطير "لأننا لم نعد نعيش في جنة ما بعد السياسة في تسعينيات القرن الماضي".
ويرى الكاتب أنه بالرغم من كل عيوبه يظل الاتحاد الأوروبي أفضل ضمان للتعاون بين شعوب وأمم أوروبا، وختم بأن التصويت بالخروج الآن من شأنه أن يصب الزيت على نيران القومية التي تتأجج ببطء تحت السطح في الاتحاد، ومن مصلحة المملكة المتحدة وأوروبا أن تقوم بريطانيا بدورها في إخماد هذه النيران.