المصدر / القاهرة:غربة نيوز
حرب إيران
لم تبدأ قصة الضربة الأمريكية لإيران بإقلاع قاذفات الشبح من ميزوري، ولا حتى مع أول صاروخ إسرائيلي سقط على طهران. بل بدأت مع رجل واحد يجلس في المكتب البيضاوي، متقلب المزاج، مشغول بالرأي العام، ويبحث عن لحظة استعراض جديدة: دونالد ترامب.
في البداية، بدا ترامب وكأنه يبتعد عن صخب الهجوم الإسرائيلي، متوارياً خلف التصريحات الدبلوماسية. لكنه سرعان ما غيّر اتجاهه. أعلن فجأة مهلة مدتها أسبوعان لاتخاذ قرار بشأن الحرب، فيما بدا للبعض أنها محاولة لكسب الوقت، لكنها كانت في الواقع جزءًا من سيناريو أكبر من "الخداع السياسي والعسكري"، كما وصفته نيويورك تايمز.
ثمانية أيام من الفوضى داخل أروقة واشنطن. مستشارون يتنافسون على التأثير في قرار الرئيس، كل طرف يهمس في أذنه باتجاه مختلف: الحرب، التهدئة، أم صفقة ما بينهما؟ ترامب، كعادته، كان يستمتع بالدراما. يقول لمحيطه إنه قادر على اتخاذ القرار "قبل ثانية من الموعد"، وكأن الصراع لعبة بيده.
لكن تصريحاته العلنية أظهرت وجهًا آخر. على منصة "تروث سوشيال"، كتب ترامب بلهجة إنذار: "على الجميع إخلاء طهران". ثم، من قمة مجموعة السبع، أعلن أنه لم يغادر للمصالحة، بل "لأمر أكبر بكثير". الرسائل كانت واضحة، ليس فقط للداخل الأمريكي، بل لإيران والعالم بأسره.
في البنتاغون، لم تمر هذه اللحظات دون قلق. القادة العسكريون رأوا أن الرئيس قد يُفرط في كشف خطط التحرك، وأنه قد يمنح إيران تحذيرًا غير مقصود. فبدأت خطة خداع عسكرية موازية: قاذفات B-2 أقلعت في مسار مكشوف عبر المحيط الهادئ، تركت مراقبي حركة الطيران (وربما الإيرانيين) يظنون أن الهجوم لن يقع الآن. بينما كان الهجوم الفعلي يُجهّز من اتجاه آخر تمامًا.
ورغم حديث ترامب عن "فرصة للدبلوماسية"، كانت الطائرات الحربية تتحرك، وتُؤمن القوات الأمريكية في الشرق الأوسط. كانت الخطة جاهزة تقريبًا، والضربة قاب قوسين.
خلف الكواليس، لم يكن الأمر مجرد تحرك عسكري، بل عملية إدارة لفوضى صنعها ترامب نفسه. ومع كل تصريح، وكل مناورة، وكل طائرة، كان يتشكل سيناريو جديد، عنوانه: أمريكا على حافة الحرب، يقودها رئيس يُفضل المفاجآت على الاستراتيجيات.