المصدر / القاهرة: سمر فتحي
في إحدى ليالي الصيف الإيطالية، وتحت أضواء مسرح مكتظ بعشاق الموسيقى، وقفت الفنانة الإيطالية الشابة غايا تُغني، كعادتها، بكل طاقة الحب التي يعرفها جمهورها. لكن هذه المرة، لم يكن الحفل مجرد استعراض موسيقي. لحظة واحدة، غير متوقعة، حولت المشهد إلى رسالة إنسانية تتجاوز الحدود والسياسة.
وسط تصفيق الجماهير وصيحاتهم، توقفت غايا فجأة، ثم مدت يدها إلى فتاة بين الحضور تُدعى “جوليا”، كانت تلوّح بعلم فلسطين. ابتسمت غايا، أخذت العلم منها، ورفعته عاليًا على المسرح أمام الآلاف، ثم وجهت الشكر لجوليا، وقالت بصوتٍ حزين وواثق:
“يجب أن نتذكر أننا جميعًا بشر. البعض منّا يعاني في هذا العالم، وعلينا أن لا نغضّ الطرف. علينا أن نتّحد ونرفض الألم الذي يعيشه الآخرون.”
تصرف غايا لم يكن مجرد لقطة عابرة. فقد انتشر الفيديو سريعًا على مواقع التواصل، متصدّرًا المشاهدات والمشاركات، وسط إشادات واسعة من المتابعين الذين رأوا فيها صوتًا فنيًا حرًا لا يخشى التعبير.
من غايا إلى ميلانو… والرسالة واحدة
بعد أيام قليلة، في مدينة ميلانو، كان المشهد أكثر صخبًا. الآلاف احتشدوا لحضور حفل فرقة Imagine Dragons ضمن جولتهم العالمية. لكن المفاجأة جاءت من المغني الرئيسي دان رينولدز، الذي رفع العلم الفلسطيني وسط صخب الموسيقى، وقبّله أمام الجمهور، في لقطة وثّقتها الكاميرات من كل زاوية.
ظهر رينولدز، عاري الصدر، ممسكًا بالعلم كأنه يرفع قضيةً لا علَمًا فقط، وأمام عشرات الآلاف من الجماهير، حيّا الحضور، ثم ختم العرض بتحية جماعية رفع خلالها أعضاء الفرقة العلم الفلسطيني مرة أخرى.
تضامن.. وانقسام
بينما اعتبره كثيرون موقفًا نبيلًا وإنسانيًا، انقسمت الآراء في الولايات المتحدة، حيث رأى البعض أن ما فعله رينولدز تعبير عن تضامن مع المدنيين في غزة، بينما اتهمه آخرون باتخاذ موقف سياسي “معادٍ لإسرائيل”.
لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن ما فعله كل من غايا ورينولدز لم يكن مجرد استعراض، بل إعلان بأن للفن دورًا، وأن القلوب الراقصة على أنغام الموسيقى قد تنحني يومًا لتبكي وجع شعب لا يملك رفاهية الفرح.